للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الذي ذكرناه لا يخالف فيه أحد من علماء المسلمين، بل قد أجمع عليه السلف الصالح، من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة، وغيرهم ممن سلك سبيلهم ودرج على منهجهم.

وأما: ما صدر من سؤال الأنبياء، والأولياء الشفاعة بعد موتهم وتعظيم قبورهم ببناء القباب عليها والسُّرُج، والصلاة عندها واتخاذها أعياداً، وجعل السدنة والنذور لها، فكل ذلك من حوادث الأمور التي أخبر بوقوعها النبي صلى الله عليه وسلم وحذَّر منها، كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تقوم الساعة، حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان» (١) .

وهو صلى الله عليه وسلم حمى جناب التوحيد، أعظم حماية وسد كل طريق يوصل إلى الشرك، فنهى أن يُجصص القبر، وأن يُبنى عليه كما ثبت في صحيح مسلم، من حديث جابر (٢) وثبت فيه أيضاً: أنه بعث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وأمره أن لا يدع قبرًا مشرفًا إلا سواه، ولا تمثالًا إلا طمسه (٣) ؛ ولهذا قال غير واحد من العلماء: يجب هدم القبب المبنية على القبور؛ لأنها أسست على معصية الرسول صلى الله عليه وسلم.

فهذا: هو الذي أوجب الاختلاف، بيننا وبين الناس، حتى آل بهم الأمر، إلى أن كفَّرونا، وقاتلونا واستحلوا دماءنا وأموالنا حتى نصرنا الله عليهم، وظفرنا بهم وهو الذي ندعو الناس إليه ونقاتلهم عليه، بعدما نقيم عليهم الحجة، من كتاب الله وسنة رسوله وإجماع السلف الصالح، من الأئمة ممتثلين لقوله –سبحانه وتعالى-: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ} [الأنفال: ٣٩] [سورة الأنفال، آية: ٣٩] فمن لم يجب الدعوة بالحجة والبيان، قاتلناه بالسيف والسنان، كما قال تعالى:


(١) رواه مسلم (٢٨٨٩) ، وابن ماجه (٣٩٥٢) ، والبرقاني في صحيحه واللفظ له عند ابن ماجه: «وستعبد قبائل من أمتي الأوثان» من حديث ثوبان - رضي الله عنه -) .
(٢) رواه مسلم (٢٢٤٥) .
(٣) أخرجه أحمد في المسند برقم (٧١) ، ومسلم برقم (٩٦٩) وغيرهما، كما صح عنه أنه نهى عن البناء على القبور.

<<  <   >  >>