للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحق: أن أهل السنة ومنهم الإمام محمد وأتباعه - يثبتون كلَّ ما جاء في الأدلة من القرآن وصحيح السنة من ذلك وينفون ما عداه؛ لأن هذا من الأمور التوقيفية التي لا يمكن للناس أن يشرعوا فيها شيئاً. ومن شرع إثباتًا أو نفيًا فقد ابتدع، وأحدث في الدين ما ليس منه، وعمله مردود بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (١) وقوله صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» (٢) وهذه نصوص قطعية محكمة.

يعتقد أهل السنَّة والجماعة (ومنهم أتباع هذه الدعوة المباركة) أن الشفاعة نوعان: مثبتة وهي ما جاءت بها النصوص وتوافرت بها الشروط التي ذكر الله تعالى في كتابه كالشفاعة العظمى والمقام المحمود للنبي صلى الله عليه وسلم وشفاعته لأهل الكبائر من أمته، وشفاعته لعمه أبي طالب أن يخفف عنه من عذاب النار، ونحو ذلك مما ثبت بدليل وما لم يثبت بدليل، فهو الشفاعة المنفية وهو النوع الثاني.

وقد أفاض الإمام محمد بن عبد الوهاب في هذه المسألة وكذلك علماء الدعوة وسائر أهل السنة وبينوها بأدلتها غاية البيان بالأدلة وكشفوا شبهات أهل البدع بما فيه الكفاية لمن كان قصده الحق.

يقول الإمام منكرًا التوسلات والشفاعات الشركية والبدعية في رسالته لابن صباح: بسم الله الرحمن الرحيم الذي يعلم من وقف عليه من الإخوان، المتبعين محمد صلى الله عليه وسلم أن ابن صباح: سألني عما ينسب إليّ؟ فطلب مني: أن أكتب الجواب؛ فكتبته:

الحمد لله رب العالمين؛ أما بعد:

فما ذكره المشركون: على أني أنهى عن الصلاة على النبي، أو أني أقول: لو أن لي أمرًا، هدمت قبة النبي صلى الله عليه وسلم أو أني أتكلم في الصالحين، أو أنهي عن محبتهم، فكل هذا كذب وبهتان، افتراه عليَّ الشياطين، الذين يريدون أن يأكلوا أموال الناس بالباطل، مثل أولاد شمسان، وأولاد إدريس، الذين يأمرون الناس ينذرون


(١) رواه البخاري (٢٦٩٧) ، ومسلم (٤٤٩٢) من حديث أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -.
(٢) رواه مسلم (٤٤٩٣) ، وأبو داود (٤٦٠٦) واللفظ لمسلم.

<<  <   >  >>