للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحنبلي، كل أخاصمه بكتب المتأخرين من علمائهم، الذين يعتمدون عليهم، فلما أبوا ذلك، نقلت كلام العلماء من كل مذهب لأهله، وذكرت كل ما قالوا، بعدما صرحت الدعوة عند القبور، والنذر لها، فعرفوا ذلك، وتحققوه، فلم يزدهم إلاّ نفورًا» (١) .

وقد فصَّل الشيخ عبد الله بن الإمام محمد بن عبد الوهاب هذه المسألة فقال مجيباً:

«عمن كان يستغيث بالمخلوق عند الشدائد بالنداء والدعاء ويستغيث ويتوسل ويتوجه بنبيه أو بالصالحين فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في أدعية الصباح «أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات والأرض وبكل حق هو لك وبحق السائلين عليك أن تقيلني في هذه الغداة» (٢) مع الحديث الآخر: «أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له ادع الله أن يعافيني قال: «إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك» قال: ادعه، قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن الوضوء ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضي لي اللهم فشفعه في» (٣) . فهذان الحديثان مصرحان بالتوسل والتوجه والدعاء والتشفع والنداء، وما حكم من فعل ذلك وهو غير قاصد للشرك ولا معاند للإسلام؟ فالفرق ظاهر بينه وبين من قصد الشرك والعناد بعد معرفة التوحيد» .

قال: فنقول: «الجواب: وبالله التوفيق أما سؤال الميت والغائب نبيًّا كان أو غيره تفريج الكربات، وإغاثة اللهفات، والاستغاثة به في الأمور المهمات فهو من المحرمات المنكرة باتفاق أئمة المسلمين لم يأمر الله به ولا رسوله ولا فعله أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا استحبه أحد من أئمة المسلمين، وهذا مما يُعلم بالاضطرار من دين الإسلام، فإنه لم يكن أحد منهم إذا نزلت به تِرَة أو عرضت له حاجة أو نزلت به كربة وشدة يقول لميت يا


(١) الدرر السنية (١، ٧٣) .
(٢) رواه الطبراني قال الهيثمي في المجمع (١٠) وفيه فضَّال بن جبير وهو ضعيف مجمع على ضعفه.
(٣) رواه الترمذي (٣٥٧٨) ، وابن ماجه (١٣٧٨٥) ، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وهو الخطمي، وحسنه الألباني في التوسل.

<<  <   >  >>