للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونهى عن اتخاذها أعياداً، وهؤلاء يتخذونها مناسك وأعيادًا يجتمعون لها كاجتماعها للعيد أو أكثر.

ونهى عن العَقْر والذبح لها، وهؤلاء يعقرون عليها وينذرون لها ويدعونها.

وأمر بتسويتها كما روى مسلم في صحيحه عن أبي الهياج الأسدي واسمه حيان بن حصين قال: «قال لي علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أدع تمثالًا إلا طمسته ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته» (١) وفي صحيحه أيضًا عن ثمامة بن شفي الهمداني قال «كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم فتوفي صاحب لنا فأمر فضالة بقبره فسوي، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها» (٢) وهؤلاء يبالغون في مخالفة هذين الحديثين فيرفعونها من الأرض كالبيت ويعقدون عليها القباب ويضعون عليها التوابيت ويكسونها كما يُكسى بيت الله الحرام.

ويفعلون عندها الموالد العظام ويجعلون لها السوائب من بهيمة الأنعام.

ويكثر لديها رفع الأصوات والضجيج واختلاط الرجال بالنساء كالحجيج.

ومن ذلك ما يفعله عباد الشيطان عند قبر أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث خارج مكة، وخديجة في المُعَلَّى كل سنة ثلاثة أيام مولد يحصل فيه من الضجيج وارتفاع الأصوات والدعاء بالاستغاثات واختلاط النساء مع الرجال في تلك الساحات.

وكذلك عند قبر عبد الرحمن المحجوب بالدفوف ذوات الصنوج والطبول والبيارق والنحائر داعين مستغيثين به راجينه بذلك ليكون عليهم ناظرًا ولهم حافظًا؛ لأنه المحب المحبوب.

وهكذا عند قبر أبي طالب، وهم يعلمون ظاهر حاله، وما هو عليه قبل الممات فالحكم لعلام الغيوب.

ولو تعلق مظلوم بأستار الكعبة جذبوه من تحتها وفعلوا به ما أرادوا، ولو دخل ظالم بسرقة أو قتل أو نهب مال على قبر أحد هذين الرجلين اللذين الله أعلم بهما من خلقه


(١) تقدم تخريجه.
(٢) رواه مسلم (٢٢٤٢) ، والنسائي (٢٠٣٢) .

<<  <   >  >>