ومنها: جعل البدعة واجبًا وسنة، والواجب والمسنون بدعة وإثماً، وهم في ذلك لا يعون ولا يتذكرون، بل لمن خالفهم فيه ونهاهم عنه يبدّعون ويخرّجون ويكفّرون.
ومنها: تفضيلها على خير البقاع وأحبها إلى الله، فإن عباد القبور يقصدونها مع التعظيم والاحترام والخشوع ورقة القلب والعكوف بالهمة والعزم على الموتى بما لا يفعلون في المساجد ربع عشره ويحصل لهم فيها نظيره ولا قريب من مثيله.
ومنها: أن ذلك تضمن عمارة القبب والمشاهد وتنويرها وتعطيل المساجد من بيوت الله وعدم توقيرها، ودين الله الذي بعث به رسله وأنزل كتبه بضد ذلك كله.
ومنها: أن الذي شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم عند زيارة القبور إنما هو تذكار الآخرة والإحسان إلى المزور بالدعاء له والترحم عليه والاستغفار له وسؤاله العافية للزائر وله، فيكون الزائر محسنًا إلى الميت وإلى نفسه حتى لو كان نبيًا أو وليًّا، فالدعاء له مطلوب وهو إليه محبوب، وقد أمرنا صلى الله عليه وسلم أن نسأل الله له الوسيلة والفضيلة وأن يبعثه المقام المحمود الذي وعده وذلك له محقق ولكن تنويهًا بذكره ورفعًا لقدره وليعود ثواب الدعاء إلى الداعي، والكامل يقبل الكمال، فقلب هؤلاء المشركون الأمر وعكسوا الدين، وكانوا من الفريقين المغضوب عليهم والضالين بقصدهم زيارة الشرك الأموات يدعونهم ويدعون بهم. . .» (١) .
ولذلك لما وصلت جيوش الدعوة إلى كربلاء هدمت القبة المبتدعة والمشهد على قبر الحسين، وهي من أكبر الفتن المضلِّة التي تعمل تحت ستار حب سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عن الحسين وهو منها براء. وقد حدثت هذه القبة بعد القرون الفاضلة، أحدثها أهل البدع، فكان هدمها نصرًا للإسلام والسنة وتكريمًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وآله، وتكريم لسبط رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي تؤذيه القبة والمشهد وما يقع حولها من البدع والشركيات والمنكرات.
يقول الدكتور محمد بن سليمان الخضيري:
«وللحقيقة نقول: إن الدولة السعودية قامت بهدم القبة الموضوعة على قبر الحسين؛ لأن ذلك يتنافى مع العقيدة الإسلامية أولاً، وبالتالي فهو يتنافى مع مبادئ الدعوة الإصلاحية السلفية. وقد سبق أن بيّنا مراسلات حكّام الدولة السعودية مع ولاة العراق في النهي عن أمثال هذه البدع،