للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعد: ما ذكر لكم عني: أني أكفر بالعموم، فهذا من بهتان الأعداء، وكذلك قولهم: إني أقول من تبع دين الله ورسوله، وهو ساكن في بلده، أنه ما يكفيه حتى يجيء عندي، فهذا أيضًا من البهتان، إنما المراد اتباع دين الله ورسوله، في أي أرض كانت.

ولكن نكفر من أقر بدين الله ورسوله، ثم عاداه وصد الناس عنه؛ وكذلك من عبد الأوثان، بعدما عرف أنها دين المشركين، وزيَّنه للناس، فهذا الذي أكفره وكل عالم على وجه الأرض يكفر هؤلاء، إلا رجل معاند، أو جاهل، والله أعلم والسلام» .

وسئل أبناء الشيخ وحمد بن ناصر بن معمر: هل تعتقدون كفر أهل الأرض على الإطلاق؟ أم لا؟ فأجابوا: «الذي نعتقده ديناً، ونرضاه لإخواننا مذهباً، أن من أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة، وقامت عليه الحجة، فإنه يكفر بذلك، ولو ادَّعى الإسلام، وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء» (١) .

وقال الإمام -أيضًا-: في رده على (خصم الدعوة) : سليمان بن سحيم، مبينًا أنه لا يكفِّر إلا حسب الأدلة الشرعية، وآثار السلف الصالح: «وأما المسألة الثالثة، وهي من أكبر تلبيسك الذي تُلبِّس به على العوام: «أن أهل العلم قالوا: لا يجوز تكفير المسلم بالذنب» وهذا حق، ولكن ليس هذا ما نحن فيه، وذلك أن الخوارج يكفِّرون من زنى، أو من سرق، أو سفك الدم، بل كل كبيرة إذا فعلها المسلم كفر. وأما أهل السنة فمذهبهم أن المسلم لا يكفر إلا بالشرك؛ ونحن ما كفّرنا الطواغيت وأتباعهم إلا بالشرك» (٢) .

ويقول الشيخ عبد الله بن الإمام محمد بن عبد الوهاب: «ونحن نقول فيمن مات: تلك أمة قد خلت؛ ولا نكفر إلا من بلغته دعوتنا للحق، ووضحت له المحجة، وقامت عليه الحجة، وأصر مستكبرًا معانداً، كغالب من نقاتلهم اليوم، يصرون على ذلك


(١) الدرر السنية (١٠) .
(٢) تاريخ نجد لابن غنام (٢، ١٣٠) .

<<  <   >  >>