لقد أشاع خصوم الدعوة أن الوهابيين يمنعون الحجاج من دخول الديار المقدسة وأداء شعائر الحج والعمرة.
وكان لهذه الدعاية المضادة والإشاعات الكاذبة أثره في نفوس المسلمين البعيدين عن رؤية الحقيقة مما جعل كثيرين من الحجاج في أكثر البلاد الإسلامية يُحجمون عن الحج والذهاب إلى مكة والمدينة.
ولكن عندما ندرس هذه القضية بموضوعية، ونتفحص الملابسات العقدية والسياسية والتاريخية وغيرها نتوصل إلى الحقائق التالية:
١ - أن الدولة السعودية حين حكمت الحجاز في أدوارها الثلاثة وحتى الآن لم تمنع الناس من الحج ولم تضيق عليهم، بل العكس هو الصحيح، فقد قامت بجد وحزم بتأمين السبل وتخفيف المظالم والضرائب التي تُثقل كاهل أهل الحجاز، ووفرت المؤن والخدمات للحجاج بشكل لم يسبق له مثيل في العصور المتأخرة.
٢ - أنه في تلك الأثناء التي انقطع فيها بعض الحجاج عن الحج بسبب الدعاية المغرضة، حج آخرون جماعات (كالمغاربة) وأفرادًا من سائر البلاد الإسلامية وشهدوا بأنهم لم يحصل لهم من المضايقات أو ما يمنع من إقدام الناس على الحج، بل العكس فقد رأوا استتباب الأمن وظهور السنة، واحترام مشاعر الحج وشعائره، ورفع الضرائب. وبهذه الأمور تنقطع مصالح المنتفعين من ظهور البدع ومن سوء الأحوال، وهم الذين أشاعوا أن الدولة السعودية منعت الحج.
٣ - أن الذين أوقفوا مسيرات الحج هم رؤوس القوم وشيوخ البدع، والساسة وقادة قوافل الحج الذين لهم مصالح في استمرار البدع والمظالم والضرائب المصاحبة للحجيج غالباً.
وأعرض شهادة مؤرخ محايد بهذا الصدد وهو الجبرتي؛ إذ قال: «وفي هذه الأيام (١) أيضًا وصلت الأخبار من الديار الحجازية بمسالمة الشريف غالب للوهابيين؛ وذلك لشدة ما حصل لهم من المضايقة الشديدة وقطع الجالب عنهم من كل ناحية حتى وصل ثمن الأردب المصري من الأرز خمسمائة ريال والأردب البر ثلثمائة