للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المستغاث به كتأثير الله كفر يصير به صاحبه مرتدا كما يقع في كثير من هؤلاء المعتقدين للأموات الذين يسألونهم قضاء حوائجهم، ويعولون عليهم زيادة على تعويلهم على الله سبحانه، ولا ينادون الله - جل وعلا - إلا مقترنا بأسمائهم، ويخصونهم بالنداء منفردين عن الرب، فهذا من الكفر الذي لا شك فيه ولا شبهة، وصاحبه إذا لم يتب كان حلال الدم والمال كسائر المرتدين، ومن جملة ما يبلغنا عن صاحب نجد أنه يستحل سفك دم من لم يحضر الصلاة في جماعة (١) وهذا إن صح غير مناسب لقانون الشرع، نعم من ترك صلاة فلم يفعلها منفردا ولا في جماعة فقد دلت أدلة صحيحة على كفره، وعورضت بأخرى، فلا حرج على من ذهب إلى القول بالكفر، إنما الشأن في استحلال دم من ترك مجرد الجماعة ولم يتركها منفردا.

وتبلغ أمور غير هذه الله أعلم بصحتها، وبعض الناس يزعم أنه يعتقد اعتقاد الخوارج، وما أظن ذلك صحيحا، فإن صاحب نجد وجميع أتباعه يعملون بما تعلموه من محمد بن عبد الوهاب، وكان حنبليا، ثم طلب الحديث بالمدينة المشرفة، فعاد إلى نجد، وصار يعمل باجتهادات جماعة من متأخري الحنابلة كابن تيمية وابن القيم وأضرابهما، وهما من أشد الناس على معتقدي الأموات، وقد رأيت كتابا من صاحب نجد الذي هو الآن صاحب تلك الجهات أجاب به على بعض أهل العلم، وقد كاتبه وسأله بيان ما يعتقده، فرأيت جوابه مشتملا على اعتقاد حسن موافق للكتاب والسنة، فالله أعلم بحقيقة الحال.

وأما أهل مكة فصاروا يكفرونه، ويطلقون عليه اسم الكافر (٢) وبلغنا أنه وصل إلى مكة بعض علماء نجد لقصد المناظرة، فناظر علماء مكة بحضرة الشريف في مسائل تدل على ثبات قدمه، وقدم صاحبه في الدين.

وفي سنة (١٢١٥) وصل من صاحب نجد المذكور مجلدان لطيفان أرسل بهما إلى حضرة مولانا الإمام حفظه الله، أحدهما يشتمل على رسائل لمحمد بن عبد الوهاب كلها في الإرشاد إلى إخلاص التوحيد، والتنفير من الشرك الذي يفعله المعتقدون في القبور، وهي رسائل جيدة مشحونة بأدلة الكتاب والسنة، والمجلد الآخر يتضمن الرد على جماعة من


(١) هذه من مفتريات الخصوم، فإن المتتبع لأقوال علماء الدعوة وأعمالهم وفتاواهم يجد الأمر خلاف ذلك.
(٢) وهذه شهادة من محايد ثقة عالم بأن خصوم الدعوة يكفرون، ومن يكفرون؟ يكفرون أهل السنة.

<<  <   >  >>