للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" وإن أمر ابن سعود ليس كما وهمت في رسالتك أنه أعرابي يقود أجلافا طعامهم الجراد، من ضئضئي ذي الخويصرة، وأن دياره ديار فتن، وعلماءه غلاة يكفرون من لم يدخل في طاعته، ويستبيحون ماله ودمه، وينظرون إلى ما سواهم نظرة الازدراء، وأنه من ولد مسيلمة الكذاب، وأن حوله بني حنيفة وبني تميم، إلى آخر ما ذكرت، ولكن الأمر خلاف ذلك، فأكثر من حوله من قحطان، وهي قبائل ذات بأس ومنعة، ولها أخلاق، ودين تدافع في سبيله ".

ثم قال: " وأما علماء نجد فإن لنا بهم صلة، إذ كانوا يأتون عسيرا ويتصلون بأبي وعمي، وكنا نحضر دروسهم ونحن صغار، فنعم الرجال هم، فإنهم شديدون في ذات الله، وليس لديهم مواربة، فلو علموا أن عبد العزيز قد وضع يده مع الإنكليز في معاهدة ضد العثمانيين لوقفوا في وجهه وكفروه " (١) .

إلى أن قال:

" أما أن الديار هي قرن الشيطان فإن الأرض بأهلها، ولا نعرف عنهم إلا خيرا، ويجب ألا نسيء الظن بالمسلمين، بل علينا أن نتغاضى عن سيئاتهم وخاصة العلماء منهم " (٢) .

وقال محمود فهمي باشا (المهندس المصري) في الجزء الأول من تاريخه (البحر الزاخر) في سياق الكلام عن الوهابية: " ومن بعد مدة استمرت في محاربات شديدة ووقائع عتيدة دخل جميع بلاد العرب في العقائد الوهابية، أي العقائد الإصلاحية للديانة الإسلامية، وصارت نجد أيضا في حالة سياسية مدنية جديدة، وبدل أن كانت جهاتها منقسمة إلى عدة عشائر، وشعوب صغيرة منفصلة عن بعضها ومستمرة في حروب وكروب بين بعضها، صارت مقر دولة قوية، وسلطنة سياسية، مثال سلطنة الخلفاء القدماء، ولرئيس هذه الدولة السلطة في الأعمال الدينية والدنيوية ".

" ومع ما كان عليه الوهابيون من الحروب والمبارزات في بلاد العرب لم يعتدوا على حقوق الحكومتين المجاورتين لهم، وهما حكومة بغداد والحجاز، وكانت قوافل الحجاز تمر من وسط أراضيهم


(١) تاريخ عسير للحفظي (٣٥٨ - ٣٦٠) .
(٢) تاريخ عسير للحفظي (٣٥٨ - ٣٦٠) .

<<  <   >  >>