للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها: هذه الحيلة الربوية التي مثل حيلة أصحاب السبت أو أشد، وأنا أدعو من خالفني إلى أحد أربع؛ إما إلى كتاب الله، وإما إلى سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وإما إلى إجماع أهل العلم؛ فإن عاند دعوته إلى مباهلة، كما دعا إليها ابن عباس في بعض مسائل الفرائض، وكما دعا إليها سفيان، والأوزاعي، في مسألة رفع اليدين، وغيرهما من أهل العلم؛ والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله وسلم» (١) .

وقد شخَّص أحد علماء الدعوة الواقع ووصف حال الأمة أثناء ظهور الدعوة وقبلها في بلدان نجد وكذلك في أكثر البلاد الإسلامية المجاورة، وهو الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن إذ يقول: «كان أهل عصره ومصره - يعني الإمام محمد - في تلك الأزمان، قد اشتدت غربة الإسلام بينهم، وعفت آثار الدين لديهم، وانهدمت قواعد الملة الحنيفية، وغلب على الأكثرين ما كان عليه أهل الجاهلية، وانطمست أعلام الشريعة في ذلك الزمان، وغلب الجهل والتقليد، والإعراض عن السنة والقرآن، وشب الصغير وهو لا يعرف من الدين إلا ما كان عليه أهل تلك البلدان، وهرم الكبير على ما تلقاه عن الآباء والأجداد، وأحاديث الكهان، والطواغيت مقبولة، قد خلعوا ربقة الدين، وجدوا واجتهدوا في الاستغاثة بغير الله، والتعلق على غير الله، من الأولياء، والصالحين، والأوثان، والأصنام، والشياطين.

وعلماؤهم، ورؤساؤهم على ذلك، وبه راضون، قد أعشتهم العوائد والمألوفات، وحبستهم الشهوات عن الارتفاع إلى طلب الهدى، من النصوص والآيات، يحتجون بما رأوه من الآثار الموضوعات، والحكايات المختلقة، والمنامات، كما يفعله أهل الجاهلية، وكثير منهم يعتقد النفع والضر، في الأحجار، والجمادات، ويتبركون بالآثار، والقبور {نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [الحشر: ١٩] [سورة الحشر، من الآية: ١٩] ، {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٣٣] [سورة الأعراف، الآية: ٣٣] .


(١) الدرر السنية (١، ٥٤) .

<<  <   >  >>