للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المتجرد المنصف وأن واقع الدعوة يكذب ذلك في كل جوانبه؛ من خلال سير أئمتها وعلمائها، ودولتها وما يمثلهم ويمثل دعوتهم من الكتب والمؤلفات والرسائل، والسير والمواقف والأحداث، وواقعهم الذي يعيشونه، وسائر أحوالهم، إلا النادر، والنادر لا حكم له.

٥ - أن كثيرين من نقَّاد الدعوة إنما يأخذون عليها زلات بعض علمائها أو تصرفات بعض أتباعها: من الشدة والحدة والجفاء ونحو ذلك، في حين أنهم لا يجدون ما يطعن في الدعوة من حيث مضامينها وأصولها وغاياتها ومناهجها؛ لكنهم لا يفرقون. . . وهذا ظلم وجور وتحامل لا يجوز.

نعم توجد لدى بعض المنتسبين للدعوة مظاهر شدة وحدة وجفاء، وغلظة، وقلة حكمة وقلة صبر، وهذا حق يجب الاعتراف به وعلاجه من قبل العلماء والولاة والعقلاء؛ لأن لهذه المظاهر عوامل نفسية راجعة إلى ضخامة الباطل، وكثرة البدع والفجور، وإصرار أهلها عليها، واستفزاز أهل الباطل لأهل الحق، ثم قلة العلم والتجربة عند بعض شباب السنة، والعبرة بالأصل والمنهج وما عليه العلماء المعتبرون والعقلاء، أما الزغل، وما يشذ من زلات وتصرفات ومواقف غير لائقة من بعض المنتسبين فهذا مما لا يحسب على المنهج والأصل، ومما لا يسلم منه دين ولا مبدأ ولا دعوة ولا أمة ولا مجتمع.

٦ - وقد تبين أن أثر هذه الدعوة المباركة الإيجابي لا يقتصر على أتباعها وأنْصارها، بل نجد أنها أثرت في مناهج المخالفين كذلك، حيث كانت سببًا في تخفيف مظاهر الغلو والابتداع واضمحلال مظاهر الشركيات والشعوذة والدجل، وزوال كثير من المشاهد والمزارات والقباب، وتناقص روَّاد هذه المبتدعات ونحوها.

واستطاعت الدعوة أن تجر خصومها إلى الاقتراب من أصول الحق، والابتعاد عن الشطط بعض الشيء، كما أنها لفتت نظر كثيرين من أتباع الفرق والطرق إلى أهمية الرجوع إلى الكتاب والسنة، والارتباط بالدليل الشرعي، ومحاولة التخلص من المصادر الدخيلة والاستحياء من التعويل على الاستدلالات الباطلة كالكشف والذوق والوجد، والحكايات، والرؤى، والخوارق، والأقوال المرسلة، والأحاديث الموضوعة والضعيفة، إلا القليل من الرؤوس والمتعصبين والمقلدين والمنتفعين ببقاء البدع وشيوعها.

٧ - وقد تواترت وتوافرت شهادات معتبرة من جمع كبير من العلماء والمفكرين والأدباء والساسة، والمؤرخين وغيرهم، ومن المسلمين وغير المسلمين، من المنصفين والمحايدين، كلهم أجمعوا

<<  <   >  >>