وهذا يتصادم مع مصالح أهل الأهواء والمنتفعين من شيوع البدع والجهل والتخلف.
هذه هي الحقيقة ولا شك.
وكل رسائل الدعوة وكتبها وأعمالها وتعاملاتها تدور على هذا الأصل: العودة للإسلام والسنة، كما هي في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وسيرة السلف الصالح، نقية صافية من شوائب الشركيات والبدع والأهواء والجهالات والطرق والفرق، والدجل.
وهذا منبع الخلاف ومنشأ الصراع.
نعم، لقد واجهت هذه الدعوة المباركة: إمامها وعلماؤها وقادتها ودولتها، وأتباعها وأنصارها ومؤيدوها حيثما كانوا - ولا تزال تواجه - أصنافًا من الخصوم، وأنواعًا من التحديات والمفتريات والدعايات المضادة والخصومات بالباطل.
فهي إذن - كأي دعوة وحركة إصلاحية جادة - قد اصطدمت بقوى وتحديات وعقبات كبرى ومكائد عظيمة، وخصوم أقوياء، وأعداء أشداء من ديانات وفرق ومذاهب، ودول وجماعات، وعلماء ورؤساء وأمراء، بل وغوغاء وجهلة.
ومع ذلك كله كانت هذه الدعوة - حين قامت على الحق والعدل - تنتصر وتنتشر، فقد قاوم إمامها وعلماؤها وأتباعها وأمراؤها كل هذه التحديات، بقوة الإيمان واليقين والعلم والحلم، والصبر والثبات.
وإن الواقع ليشهد أن هذه الدعوة - رغم التحديات الكبيرة - كانت تظهر وتعلو وتؤتي ثمارها الطيبة حتى في فترات ضعف السلطة، بل وفي البلاد التي لا توجد فيها لها سلطان ولا قوة حين لا تملك إلا قوة الحجة، وما ذلك إلا لأنها تمثل الإسلام الحق الذي كتب الله له البقاء والظهور إلى قيام الساعة؛ ولأنها تملك عوامل البقاء والثبات ومقومات القوة والنصر؛ ولأنها تستمد القوة من نصرها لدين الله دين الحق والعدل، ومن وعد الله تعالى لكل من نصر هذا الدين كما قال تعالى:{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحج: ٤٠][سورة الحج، من الآية: ٤٠] .
ولأنها كانت تخاطب العقول السليمة والفطرة المستقيمة، والقلوب الواعية المتجردة من الهوى.
إن من أقوى الوسائل لفصل النزاع بين المختلفين بعد التحاكم إلى الأصول الشرعية