للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسائل التي يمكن الاستدلال بها من هذه الآيات والأحاديث النبوية، وقد بدأ الشيخ كتابه في هذا الحديث عن آية {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦] ثم يتبعها بجملة من الآيات والأحاديث في الدعوة إلى عبادة الله، وفي معنى التوحيد، ومعنى شهادة أن لا إله إلا الله وأنها مكفرة للذنوب إذا قيلت بإخلاص وبراءة من الشرك وعمل بمقتضاها، ثم ينتقل الشيخ إلى الكلام عن أنواع كثيرة من البدع والمفاسد بعضها أمور شركية وبعضها وسيلة إلى الشرك مثل: لبس الخيط والحلقة لرفع البلاء ودفعه والرقى والتمائم، والتبرك بالشجر والحجر ونحوها، والذبح لغير الله , والاستعانة والاستغاثة بغيره، ودعوة غير الله، والغلو في الصالحين ونحو ذلك، وقد جاء حديث الشيخ عن هذه الأنواع في (كتاب التوحيد) مختصرا، ولا يستطيع الباحث أن يأخذ فكرة علمية دقيقة عن آراء الشيخ في هذه النواحي إلا بقراءة كتبه ورسائله (١) ورسائل أتباعه من علماء الدعوة وكتبهم.

وكما اهتم الشيخ محمد بن عبد الوهاب ببيان التوحيد، فكذلك اهتم ببيان ضده وهو (الشرك) وكل الأمور الموصلة إليه، حتى إنه ألّف رسالة مختصرة بعنوان " المسائل التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية "، وافتتحها بقوله: " لا غنى للمسلم عن معرفتها، فالضد يظهر حسنه الضد، وبضدها تتميز الأشياء " وشملت مائة وعشرين مسألة يوردها الشيخ باختصار شديد (٢) .

وإذا كان التوحيد هو إفراد الله بالعبادة، فإن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها وأحبط عمل صاحبه، يقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] ويعرّف الشيخ محمد بن عبد الوهاب العبادة والجامع لها


(١) ظهر سجل بيلوجرافي بمؤلفات ورسائل الشيخ المنشورة تفيد الباحث في هذا الصدد وذلك في كتاب (آثار الشيخ محمد بن عبد الوهاب) للدكتور أحمد محمد الضبيب، طبع في مطابع الأوفست الأهلية بالرياض عام ١٣٩٧ هـ (١٩٧٧ م) ، كما قامت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض بجمع مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب ورسائله بمناسبة أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي عقد بالرياض عام ١٤٠٠ هـ (١٩٨٠ م) .

(٢) قام بشرح هذه الرسالة والتوسع فيها علامة العراق الشيخ (محمود شكري الألوسي) وطبعت ثلاث مرات في المطبعة السلفية بمصر.

<<  <   >  >>