للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في رسالته إلى السويدي: " ولست أدعو إلى مذهب صوفي أو فقيه أو متكلم أو إمام من الأئمة الذين أعظمهم مثل ابن القيم والذهبي وابن كثير وغيرهم، بل أدعو إلى الله وحده لا شريك له، وأدعو إلى سنة رسول الله التي أوصى أول أمته وآخرهم " (١) .

ومما يجب ذكره هنا إعجاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه من علماء الدعوة بآراء شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم واتباعهما في كثير من الآراء، ولم يكن ذلك تقليدا من الشيخ وأتباعه لابن تيمية وابن القيم - كما يزعم بعض الباحثين - وإنما هو من موافقة الحق للحق.

إن معنى التقليد أن تؤخذ قضايا الأولين مسلمة من غير نظر في الأدلة المتبعة لها، وأما الإيمان بها عن دليل وإقناع فلا يسمى ذلك تقليدا (٢) .

ولذلك يصرح علماء الدعوة أنهم غير مقلدين لابن تيمية وابن القيم إلا بالحق وإذا وجدوا الحق في غير أقوالهما اتبعوا الحق أيا كان مصدره، ولذلك يقول الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب: " وعندنا أن الإمام ابن القيم وشيخه (ابن تيمية) إماما حق من أهل السنة، وكتبهم عندنا من أعز الكتب إلا أننا غير مقلدين لهم في كل مسألة، فإن كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومعلوم مخالفتنا لهم في عدة مسائل منها: طلاق الثلاث بلفظ واحد في مجلس، فإننا نقول به تبعا للأئمة الأربعة (٣) .

وإذا كان الشيخ وأتباعه على مذهب أحمد في الفروع -كما مر - فإنهم لا ينكرون من قلد أحد الأئمة الأربعة دون غيرهم لعدم ضبط المذاهب الأخرى كما يذكر ذلك الشيخ محمد بن عبد الوهاب في رسالته السابقة - ويذكر أيضا أنهم لا يستحقون مرتبة (الاجتهاد المطلق) ولا أحد منهم يدعيها، أما الاجتهاد في بعض المسائل دون البعض الآخر فلا مانع عندهم ولا مناقضة مع عدم الاجتهاد المطلق، ولذلك كان لبعض علماء الدعوة اجتهادات في بعض المسائل خالفوا فيها المذهب الحنبلي كإرث الجد


(١) حسين بن غنام: المصدر السابق ج١ ص ١٥٢ - ١٥٤.
(٢) محمد خليل هراس: الحركة الوهابية، رد على مقال الدكتور محمد البهي في نقد الوهابية ص ٣٧ و ٣٨.
(٣) سليمان بن سحمان: المصدر السابق ص ٤٩.

<<  <   >  >>