- رحمه الله تعالى - وفي زمن قصير تقوم دولة بأكملها على أكتافها، وتستنير بتعاليمها، وتقوى بإخلاصها لها، فكانت أشبه بالقذيفة التي تنفجر في جوف ليل حالك الظلام، والناس فيه نيام سامدون، فإذا صوتها قوي أيقظ النائمين في المجتمع الإسلامي كله - وما أكثرهم - ففتح الناس أعينهم على هذه الدعوة، وكانوا حيالها فريقين:
* فريق: قبلها ورأى فيها الحق فاتبعها، ودافع عنها بكل قواه وساندها بالحجج والبراهين.
* والفريق الآخر: عاداها وهب لدفع خطرها عليه ما وسعه إلى ذلك سبيل.
وقامت حروب طاحنة من لم يشترك فيها بسيفه اشترك فيها برأيه.
واستمرت هذه الحروب بالسيف والقلم طويلا حتى التقى المجتمع الإسلامي أخيرا مع هذه الدعوة المباركة، عن طريق العلم الذي لا تقف أمامه الأباطيل والأكاذيب والمفتريات من ناحية، وعن طريق التعمق والبحث بأمور الدين ودراستها دراسة عميقة من ناحية أخرى.
وكانت نتيجة ذلك أن كتب الباحثون (١) - على اختلافهم وكثرتهم - كتابات ومؤلفات عن هذه الدعوة وصاحبها، كشف بعضهم فيها عن دورها العظيم في إحياء المجتمع الإسلامي وتحريره من أغلاله وضلالاته.
وكلما تطورت تلك المفاهيم واتسمت الدراسة بالعمق والبحث العلمي المنهجي كلما ظهرت لنا أسرار جديدة عن عبقرية هذا المصلح الكبير، وأثر دعوته في إنارة عقول الأمة الإسلامية لمدة أربت على القرنين من الزمان.
والحق أنه لا يستطيع منصف ينظر في حال المجتمع الإسلامي خلال القرنين الماضيين ويغفل دور هذه الدعوة المباركة في نشر الوعي الإسلامي والعقيدة الصحيحة بين المسلمين، وأثرها الكبير في تنمية الناحية الفكرية المبنية على الكتاب والسنة وتطورها في العالم الإسلامي.
(١) انظر مجموعة من أقوال وآراء الباحثين - مسلمين وغيرهم - في دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب (تاريخ البلاد العربية السعودية) تأليف منير العجلاني ج١ ص ٣٥١ - ٣٧١، وفي كتاب (الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب) تأليف عبد الله بن سعد الرويشد ج ٢ ص ٣٠٣ إلى آخر الكتاب.