للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمنذ بزوغ شمس هذه الدعوة وهي تحاول بشتى الوسائل عودة المسلمين إلى أصول إسلامهم الصحيح؛ لأن هذا أساس هام لحياتهم حياة عزيزة كريمة، ومتى فقدوا هذا فقدوا معهم مكانتهم بين الأمم، وأصبحت الأمة الإسلامية إمعة بين الأمم تأخذ نظام هذا وتدع نظام ذاك.

ومن الملاحظ أن أحوال ظهور هذه الدعوة في أي بلد إسلامي كانت متشابهة إلى حد بعيد من حيث انتشار الخرافات والبدع واختلاطها مع أمور العقيدة الإسلامية ومن حيث التأخر والانحطاط في النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وإن كانت درجة ذلك متفاوتة من بلد إلى آخر، ولكن ما إن تدخل الدعوة السلفية تلك المناطق حتى تقلب أوضاعها رأسا على عقب، وتقودها نحو حياة الإيمان والأمان، والتقدم والاستقرار.

وإذا كانت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية قد نجحت في كل هذه البلاد التي دخلتها، وبخاصة من ناحية تصحيح العقيدة الإسلامية، وإقامة مجتمع إسلامي متمسك بعقيدته، فإن دورها في هذه الناحية لا يزال إلى اليوم في طريقه إلى التمام، فلا زال في العالم الإسلامي بلاد تعيش في ظلام القرون الماضية، وبحاجة إلى توجيهها نحو مبادئ الدعوة السلفية وتعاليمها المباركة.

ويكفي فخرا لهذه الدعوة في هذا المجال أنها أبانت حقيقة الإسلام الناصعة كما أنزله الله تعالى على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم مبرأ من شوائب الشرك والبدع، والتي كادت أن تشوه معالم الإسلام وتفسد جماله وتذهب بروعته.

وغني عن البيان الأثر الذي تركته الدعوة في المجال السياسي، إذ قامت في ظل هذه الدعوة دول إسلامية خدمت الإسلام والمسلمين في مناطقها، كما أن انتشار هذه الدعوة في أرجاء مختلفة من العالم الإسلامي دفع حركات التحرر من الاستعمار الأوربي الذي ضرب أطنابه في كثير من الأقطار العربية والإسلامية، فعن طريق هذه الدعوة والحركة الإصلاحية قامت حركات إصلاحية في بعض تلك البلدان وتأثرت بطريق مباشر أو غير مباشر بالدعوة السلفية، وكان لهذه الحركات دور كبير في طرد المستعمرين من بلادهم الإسلامية سجله التاريخ لهذه الحركات بكل فخر واعتزاز وعرفان.

<<  <   >  >>