{اللَّهِ} على كلمة: {الَّذِينَ كَفَرُوا} إذ ليس المقصور إفادة جعل "كلمة الله" عليا؛ لِما يشعر به الجعل من إحداث الحالة، بل أفادت أن العلاء ثابت لها ومقصور عليها.
وبالطبع هذا الكلام يُحمد من علامة كالطاهر بن عاشور، ولكننا نقول: إن القراءات لا تعارضَ بينها، فعلى قراءة النصب أيضًا {هِيَ} ضمير فصل، فمعلوم أن ضمير الفصل يقع بين المبتدأ والخبر، أو ما أصله المبتدأ والخبر، ومفعولا "جعل" أصلها المبتدأ والخبر. فهذا تذوق منه -رحمه الله- والمعنى قائم أيضًا مع قراءة النصب، وعطف على "جعل"؛ لأن "جعل" من الأفعال الناصبة لمفعولين أصلهما المبتدأ والخبر.
ذلك مثال وذلك نموذج لتغاير القراءات بين الرفع والنصب.
عندنا أيضًا تغاير القراءات أو تنوع القراءات بين الرفع والخفض، وذلك في كتاب الله -سبحانه وتعالى- منها قول الله -سبحانه وتعالى-: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ}(البروج: ٢١، ٢٢) فقوله -سبحانه وتعالى-: {مَحْفُوظٍ} قرئ تواترًا بالخفض والرفع: {فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} و"في لوح محفوظٌ". ومعلوم أنه في قراءة الخفض ينصرف الوصف إلى اللوح، فاللوح محفوظ، وفي قراءة الرفع ينصرف الوصف إلى القرآن، القرآن محفوظ، وكلا المعنيين مراد، فإن اللوح محفوظ وإن القرآن محفوظ، وذلك يؤكد حفظَ الله -سبحانه وتعالى- لكتابه المجيد في أصله وفي تنزيله وبعد تنزيله، والله -سبحانه وتعالى- حافظ كتابه، وهذا مُفاد من القراءتين، فاللوح محفوظ والقرآن محفوظ، وعلى كلٍّ إذا ثبت الحفظ للوح فهو ظرف للقرآن، ثبت للقرآن الحفظ، فالقراءتان مجتمعتان، والمعنيان متداخلان.