للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأرض قد عرفوا أن الله ربهم وخالقهم ورازقهم، وإنما وقعوا في الشرك به - سبحانه - بصرف عباداتهم أو بعضها لغيره، جهلا بذلك وتقليدا لآبائهم وأسلافهم، كما جرى لقوم نوح ومن بعدهم من الأمم. وكما جرى لأوائل هذه الأمة، فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما دعاهم إلى توحيد الله استنكروا ذلك واستكبروا عن قبوله، وقالوا كما ذكر الله ذلك عنهم: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: ٥] (١) هكذا في سورة ص. وقال عنهم - سبحانه - في سورة الصافات: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ - وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [الصافات: ٣٥ - ٣٦] (٢) وقال عنهم - سبحانه - في سورة الزخرف،: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: ٢٣] (٣) والآيات في هذا المعنى كثيرة، فالواجب على علماء المسلمين وعلى دعاة الهدى أن يوضحوا للناس حقيقة توحيد الألوهية. . والفرق بينه وبين توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات؛ لأن كثيرا من المسلمين يجهل ذلك فضلا عن غيرهم، وقد كان كفار قريش وغيرهم من العرب وغالب الأمم يعرفون أن الله خالقهم ورازقهم، ولهذا احتج عليهم - سبحانه - بذلك؛ لأنه


(١) سورة ص، الآية ٥.
(٢) سورة الصافات، الآيتان: ٣٥، ٣٦.
(٣) سورة الزخرف، الآية: ٢٣.

<<  <   >  >>