السائل عن العلوم النافعة والسائل لما يحتاجه من أمور الدنيا، من مال وغيره.
ومما يدخل في هذا الحديث: السؤال عن كيفية صفات الباري، فإن الأمر في الصفات كلها كما قال الإمام مالك لمن سأله عن كيفية الاستواء على العرش؟ فقال:" الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة ".
فمن سأل عن كيفية علم الله، أو كيفية خلقه وتدبيره، قيل له: فكما أن ذات الله تعالى لا تشبهها الذوات، فصفاته لا تشبهها الصفات، فالخلق يعرفون الله، ويعرفون ما تعرف لهم به من صفاته وأفعاله، وأما كيفية ذلك، فلا يعلم تأويله إلا الله.
ثم ذكر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أصلين عظيمين:
أحدهما: قوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا نهيتكم عنه فاجتنبوه» فكل ما نهى عنه النبي من الأقوال والأفعال، الظاهرة والباطنة، وجب تركه، والكف عنه، امتثالا وطاعة لله ورسوله.
ولم يقل في النهي:" ما استطعتم " لأن النهي طلب كف النفس، وهو مقدور لكل أحد، فكل أحد يقدر على ترك جميع ما نهى الله عنه ورسوله، ولم يضطر العباد إلى شيء من المحرمات المطلقة، فإن الحلال واسع، يسع جميع الخلق في عباداتهم ومعاملاتهم، وجميع تصرفاتهم.
وأما إباحة الميتة والدم ولحم الخنزير للمضطر، فإنه في هذه الحالة الملجئة إليه قد صار من جنس الحلال ; فإن الضرورات تبيح المحظورات، فتصيرها الضرورة مباحة ; لأنه تعالى إنما حرم المحرمات حفظا لعباده، وصيانة لهم