وجميع متمماتهما؛ ولا فرق في ذلك بين الفرض والنفل، وبهذا تميز الحج والعمرة عن غيرهما من العبادات؛ وإن من شرع فيهما وجب عليه إتمامهما لله مخلصا، ويدخل في الأمر بإتمامهما أنه ينبغي للعبد أن يجتهد غاية الاجتهاد في فعل كل قول وفعل ووصف وحالة بها تمام الحج والعمرة، وذلك شيء كثير مفصل في كتب أهل العلم، وأن من دخل فيهما فلا يخرج منهما إلا بإتمامهما والتحلل منهما إلا بما استثناه الله وهو الحصر.
ولهذا قال: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ﴾ [البقرة: ١٩٦] أي: منعتم من الوصول إلى البيت، ومن تتميم المناسك بمرض أو عدو أو ذهاب نفقة أو ضللتم الطريق أو غير ذلك من أنواع الحصر الداخلة في عموم قوله: ﴿أُحْصِرْتُمْ﴾ [البقرة: ١٩٦] فاذبحوا ما تيسر من الهدي وهو شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة يذبحها المحصر ويحلق رأسه ويحل من إحرامه بسبب الحصر، كما فعل النبي ﷺ وأصحابه لما صدهم المشركون عن البيت وهم محرمون عام الحديبية، فإن لم يتيسر الهدي على المحصر فهل يكفيه الحلق وحده ويحل، كما فعله الصحابة الذين لم يكن معهم هدي - وهو الصحيح - أو ينوب عن الهدي صيام عشرة أيام قياسا على هدي التمتع كما قاله آخرون ثم يحل؟
ثم قال تعالى: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ [البقرة: ١٩٦] وفي هذا أن المحرم يحرم عليه إزالة شيء من شعر بدنه تعظيما لهذا النسك، وقاس عليه أهل العلم إزالة الأظفار بجامع الترفه، ويستمر المنع من ذلك حتى يبلغ الهدي محله، وهو وقت ذبحه يوم النحر، والأفضل أن يكون الحلق بعد النحر، ويجوز أن يقدم الحلق على النحر كما رخص في ذلك النبي ﷺ حين سئل عمن قدم الحلق أو الرمي أو الذبح أو الطواف بعضها