ويستدل بالآية الكريمة على أن المتمتع كالقارن والمفرد لا يحل من عمرته إذا كان سائقا للهدي حتى يبلغ الهدي محله، فقيل: إنه إذا حل من عمرته بأن فرغ من الطواف والسعي بادر بالدخول بالحج بالنية، وقيل: إنه بسوقه للهدي صار قارنا، وأن الهدي الذي استصحبه - حيث إنه كان للنسكين كليهما - مزج بين النسكين وصار صاحبه قارنا، وهذا هو القول الصواب، وإنما منع تعالى من الحل لمن ساق الهدي قبل محله لما في سوق الهدي، وما يتبعه من كشف الرأس، وترك أخذ الشعور ونحوها من الذل والخضوع لله والانكسار له، والتواضع الذي هو روح النسك وعين صلاح العبد وكماله، وليس عليه في ذلك ضرر؛ فإذا حصل الضرر بأن كان به أذى من رأسه من مرض ينتفع بحلق رأسه أو قروح أو قمل أو نحو ذلك، فإنه يحل له أن يحلق رأسه، ولكن يكون عليه فدية تخيير، يخير بين صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة، وهذه تسمى فدية الأذى، وألحق بذلك إذا قلم أظفاره، أو لبس الذكر المخيط، أو غطى رأسه، أو تطيب المحرم من ذكر وأنثى، فكل هذا فديته فدية تخيير بين الصيام أو الإطعام أو النسك.
وأما فدية قتل الصيد فقد ذكر الله التخيير فيها بين ذبح المثل من النعم، أو تقويمه بطعام فيطعم كل مسكين مدبر أو نصف صاع من غيره، أو يصوم عن إطعام كل مسكين يوما؛ فهذه الأنواع فديتها تخيير.
وأما المتمتع والقارن فإن هديهما هدي نسك، غير هدي جبران، وهو على الترتيب، إن تيسر الهدي وجب الهدي، فإن لم يتيسر فعليه صيام عشرة أيام، ثلاثة في الحج - ولا يؤخرها عن أيام التشريق -، وسبعة إذا