الصفات الذاتية جهل منهم أيضاً، لأن النسبة الى ذات ذووي. أخبرني بذلك أبو زكرياء عنه.
قلت: أما ابن الجواليقي فهو معذور في غلطه، لأنه قلّد ابن بَرْهان وغيره ممن يقول إن المتكلمين يطلقون الذات في أسماء الله تعالى، قد غلط ولم يعرف مصطلح القوم في ذلك، وإنما أراد المتكلمون بالذات: الحقيقة من كل شيء، فقولهم: ذات زيد، أي حقيقته ولهذا تسمعهم يقولون: ألحدوا في الذات والصفات، والعطف يدلّ على المغايرة، ولا يريدون بذلك إلا أنهم ألحدوا في الحقيقة وفي صفاتها، ثم إنه إذا توارد قوم واصطلحوا على ألفاظ فيما بينهم نقلوها عن أصل وضعها الى ما أرادوه فما لمعترِض أن يعترض عليهم في ذلك، لأنه لا مُشاحّةَ في الاصطلاحات، فقد اصطلح النحاة على أشياء خالفوا فيها موضوع اللغة فقالوا: الاسم والفعل والحرف، وخالفهم في ذلك بعض أرباب المنطق فقالوا: الاسم والكلمة والأداة، وقال النحاة: المبتدأ والخبر، وقال المنطقيون: الموضوع والمحمول، وقال النحاة: الشرط والجزاء، وقال المنطقيون: المقدَّم والتالي، والاصطلاح والتواضع لا يُعاب فيهما أحد ولا يُغلَّط، اللهم إلا إن وقع خَلَلٌ في القواعد التي استقرت، وهذا أمر ظاهر، نعم يَرِدُ على أرباب المعقول قولهم: المَحْسوسات لأنهم أخطأوا في هذا التصريف، إذ أصل الفعل أحَسَّ بكذا، فاسم المفعول منه مُحَسّ بضم الميم وفتح الحاء وتشديد السين.
(ص) ويقولون: ذافَ بها مرارة الموتِ، في خَتْمة قِيام رمضان.