للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنّ البلادَ التي أصبحتَ واليهَا ... أضحت ولا جنة المأوى ضواحِيها

وعُمّرتْ منك بالعدل المبين الى أن با ... ت حاضرُها سُكنى وباديها

وبعدما أصبح الطيرُ الخراب بها ... على أسافلها تبكي أعاليها

كأنّها لم تبِضْ فيها ولا فقسَتْ ... بها ولا نبتتْ فيها خوافيها

فأقفرَتْ بعدما كانتْ مساكنُها ... فيها خرائدَ قد لذّ الأسى فيها

فلنْ يهِرَّ بها كلبٌ ولو ظهرتْ ... رسومُها لَعوى فيها عوافيها

هبّتْ رياحُ دَبور في جوانبِها ... فكان سقط لواها إلف سافيها

وا لَهْف نفسي عليها عند ذاك ويا ... خرابَها بمعانٍ في معانيها

منْ بعدِها لم أجِد أرضاً أفُشّ بها ... صَبابةً في ضميري كنتُ أخفيها

أنتَ الشجاع الذي ذاق البَرازَ ولم ... يجْبُن إذا بطلٌ جرّ القَنا فيها

كم نار حرب لدى الهيجاءِ ما وقدَتْ ... إلا أتيت ببأس منك يُطفيها

للهِ رمْيُك واستيفاكَ من بطلٍ ... سهامَ أي قِسيّ بتَّ تحْنيها

كم قد خرقتَ بطونَ الدارعينَ بها ... حتى تراقتْ نفاذاً من تراقيها

وعصبةٍ تشربُ الأبوالَ من ظمأٍ ... وتأكل الروثَ جوعاً أنت مُغنيها

كم استنابك فيها حاكم فغدا ... بحفظها منك إقبالٌ لرائيها

ومُذْ رآك الورى فرْدَ الزمانِ بها ... خرّتْ لوجهِكَ، أعنى سُجّداً تِيها

لو أنّ دجلةَ فيها القاع ذو يبسٍ ... لوارديها لكنتَ الدهرَ تسقيها

سلْ أرض حرّان إذْ أمسيتَ ساكنَها ... هل جاع صُعلوكُها أو جاع صوفيها

وفاخَرَتْك جماعاتٌ وربَّتَما ... قالوا قصير فرُدَّ القولُ تسفيها

إنْ قلّ طولك فيه للعيان فما ... قد قلّ طولك فيها حين تعطيها

يا والياً بيّتَ الأكفاءَ في نفق ... يحمي حماها كما قد بات يحميها

لا تعجلنّ وكُن مسترفقاً وخذ ال ... مياه بالحكم عدلاً من مجاريها

<<  <   >  >>