للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول بعد ذلك (١): "ومن خطر بباله أن المسح باليد ونحوه أبلغ في البركة؛ فهو من جهالته وكفلته؛ لأن البركة إنما هي فيما وافق الشرع، وكيف ينبغي الفضل في مخالفة الصواب؟! ".

وحول قيام كثير من الحجاج بالوقوف على جبل الرحمة في عرفات، وتفضيل ذلك على غيره من أرض عرفات؛ يقول رحمه الله تعالى (٢): "وأما ما اشْتُهِر عند العوامِّ من الاعتناء بالوقوف على جبل الرحمة الذي هو بوسط عرفات، وترجيحهم له على غيره من أرض عرفات، حتى ربما توهَّم من جهلتهم أنه لا يصح الوقوف إلا فيه؛ فخطأ ظاهر، ومخالف للسنة، ولم يذكر أحد ممَّن يُعْتَمَدُ في صعود هذا الجبل فضيلة يختص بها، بل له حكم سائر أرض عرفات؛ غير موقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلَّا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، فإنَّه قال: "يُسْتَحَبُّ الوقوف عليه".

وكذا قال الماوردي في "الحاوي": "يُسْتَحَبُّ قصد هذا الجبل الذي يقال له: جبل الدعاء".

وقال: "وهو موقف الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم-".

وذكر البندنيجي نحوه.

وهذا الذي قالوه لا أصل له، ولم يرد في حديث صحيح ولا ضعيف، فالصواب الاعتناء بموقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو الذي خصَّه العلماء بالذكر وحثُّوا عليه، وفضّلوه، وحديثه في "صحيح مسلم" (٣).


(١) "المجموع" (٨/ ٢٧٥).
(٢) "المجموع" (٨/ ١١٢ و ١١٣).
(٣) انظر "صحيح مسلم" (٢/ ٨٩٠)، ومن رواية جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "نحرت ها هنا ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم، ووقفت ها هنا، وعرفة كلها موقف، ووقفت ها هنا وجمع كلها موقف".

<<  <   >  >>