وهذا الذي أجملَهُ في بدايات كتابه قد فصَّلَه غفر الله له في ص ٥٣ من كتابه المذكور بقوله: أما بالنسبة للمصافحة، فإنه يجوز للرجل أن يصافحَ المرأة، وللمرأة أن تُصافحَ الرجل دون حائلٍ لِما ثبتَ في «صحيح البخاري» [برقم (٤٨٩٢)، و «صحيح مسلم» برقم (٢١٦٥)، ومسند أحمد» برقم (٢٠٧٩٦)] عن أم عطية قال: بايعنا النبيّ صلى الله عليه وسلم فقرأ علينا {عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [سورة الممتحنة ٦٠: الآية ١٢]، ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأةٌ منا يدها». وكانت المبايعة بالمصافحة، ومعنى «قبضت يدها» ردّت يدها بعد أن كانت مدتها للمبايعة، فكونها قبضت يدها يعني أنها ستبايع بالمصافحة، ومفهوم «فقبضت امرأة منا يدها»: أن غيرها لم تقبض يدها، وهذا يعني أن غيرها بايعت بالمصافحة. وأيضاً فإنّ مفهومَ قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [سورة النساء ٤: الآية ٤٣ وسورة المائدة ٥: الآية ٥]: بلفظه العامّ لجميع النساء، من حيث أنّ الملامسة تنقض الوضوء، يدل اقتصار الحكم على نقض الوضوء من لمس النساء على أنّ لمسهنّ بغير شهوةٍ ليس حراماً، فمصافحتُهُنّ كذلك ليست حراماً. علاوةً على أنّ يدَ المرأة ليست بعورة، ولا يحرُمُ النظرُ إليها بغير شهوة، فلا تحرُمُ مصافحتها. ا. هـ. قال كاتب هذه السطور سدّدَهُ الله: مَن مِنَ الفقهاء المتقدمين الذين استند الشيخُ عفا الله عنه فيما ذهب إليه؟ والسؤال في عُهدة من يرى رأيه!
ثمّ إنه لو قال بقوله ألف فقيه، فإنّ سنة النبيّ صلى الله عليه وسلم قاضيةٌ على هذا الخطل، وصدق القائل: ما العلمُ نصبُكَ للخلاف سفاهةً ... بين الرسولِ وبين قولِ فقيهِ وها هي السنة الغراء زاخرةٌ بأدلة حظر مصافحة المرأة التي تقضي على حديث البخاري مبيّنةً توجيهه الصحيح: وعن عروة أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية بقول الله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} - إلى قوله: - {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [سورة الممتحنة ٦٠: الآية ١٢]. قال عروة: قالت عائشة: فمن أقرأ بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد بايعتك» كلاماً، ولا والله، ما مست يدُهُ يدَ امرأةٍ قطُّ في المبايعة، ما يبايعهن إلا بقوله: «قد بايعتك على ذلك». أخرجه البخاري ـ واللفظ له ـ في «صحيحه» برقم (٤٨٩١)، ومسلم في «صحيحه» برقم (٤٨٣٤)، وأحمد في «مسنده» برقم (٢٦٣٢٦). وقد قال الحافظ ابن حجر في شرح هذا الحديث: وقد ذكرت في تفسير الممتحنة من خالف ظاهر ما قالت عائشة من اقتصاره في مبايعته صلى الله عليه وسلم النساء على الكلام وما ورد أنه بايعهن بحائل أن بواسطة بما يغني عن إعادته. ويعكر على ما جزم به من التقدير وقد يؤخذ من قول أم عطية في الحديث الذي بعده: «فقبضت امرأة يدها» أن بيعة النساء كانت أيضاً بالأيدي، فتخالف ما نقل عن عائشة من هذا الحصر. وأجيب بما ذكر من الحائل، ويحتمل أنهن كن يشرن بأيديهن عند المبايعة بلا مماسة. وقد أخرج إسحاق بن راهويه بسند حسن عن أسماء بنت يزيد مرفوعاً: «إني لا أصافح النساء» وفي الحديث: أنّ كلام الأجنبية مباحٌ سماعُه، وأن صوتَها ليس بعورة، ومنعُ لمسِ بشرة الأجنبية من غير ضرورة. ا. هـ. وعن أميمة بنت رقيقة رضي الله عنها قالت: بايعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة فلقننا فيما استطعتنّ وأطقتنّ قلت: الله ورسوله أرحم منا من أنفسنا قلت: يا رسول الله بايعنا قال: «إني لا أصافح النساء إنما قولي لامرأة قولي لمئة امرأة». أخرجه أحمد في «مسنده» (٢٧٠٠٦)، والنسائي في «السنن الكبرى» (٧٧٥٦)، وابن ماجه في «سننه» برقم (٢٧٧٤). وعن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع نساء المسلمين للبيعة فقالت له أسماء: ألا تحسر لنا عن يدك يا رسول الله! فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لستُ أصافح النساء ولكن آخذ عليهن ... » الحديثَ. أخرجه أحمد في «مسنده» برقم (٢٧٥٧٢)، والطبراني في «الكبير» ٢٤/ (٤٥٩). قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» برقم (٨٧٠٢): وفيه شهر بن حوشب، وهو ضعيف يُكتَبُ حديثه. (٢) أما تقبيل المرأة فقد أُثِرَ عن التحريريين، وهو موجودٌ منسوباً إليهم في: يُنظَر: «الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأديان المعاصرة» ١/ ٣٤٥. و«موقع الملتقى العلمي للعقيدة والمذاهب المعاصرة»: قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة: الملتقى العلمي لدراسة الملل والمذاهب المعاصرة: بعض مخالفات حزب التحرير للكتاب والسنّة. نشرة جواب سؤال ٢٩/ ٥/١٩٧٠ م لشيخهم النبهاني (www.alagidah.com/vb/showthread.php). كذا. والذي هو في كتابه «النظام الاجتماعي في الإسلام» ص ٥٣ التصريحُ بتحريم القبلة؛ لأنها من مقدمات الزنا وداعية إليه، والله تعالى أعلم، وحُسن الظنّ بالمسلمين كافّةً مطلوب.