ثم بعد ذلك الصفة غير المناسبة سِوَى العَدد، فدخل تحت ذلك العِلَّة والظرف والحال، فتكون في مرتبة واحدة، لكن ينبغي تقديم العلة؛ لدلالتها على الإيماء، فقربتْ من المنطوق.
ثم بَعد الثلاثة مِن الصفة: العَدد؛ لإنكار كثير له كما سبق وإنْ كان الأرجح خِلافه.
ثم بَعد ذلك مفهوم تقديم المعمول؛ لِمَا سبق من إنكار بعضهم إفادته الاختصاص، وبتقدير ذلك فهل الاختصاص الحصر؟ أو أَعَم منه؟ فأُخِّر عن الكل لذلك، والله أعلم.
أي: ما سبق من المفاهيم هو المعتبر، وأما "مفهوم اللقب" فليس بحجة.
ومفهوم اللقب: أَنْ يعلق الحكم بِاسْم عَلَم (نحو: أَكْرِم زيدًا) أو اسم نوع (نحو: في الغنم الزكاة)، فلا يدل على نفي الحكم عَمَّا عداه.
وقد نَص عليه الشافعي كما قاله إمام الحرمين في "البرهان"، وقال الأستاذ أبو إسحاق: لم يختلف قول الشافعي وأصحابه فيه.
وقولي:(وَبَعْضٌ ارْتَكَبْ) أي: وقد ارتكب بعض العلماء القول بِحُجِّيَّة مفهوم اللقب، والمشتهر عنه ذلك أبو بكر الدقاق محمد بن محمد بن جعفر القاضي الأصولي الفقيه الشافعي، ناظره الأستاذ أبو إسحاق فيه، وقال عنه في "شرح الترتيب": إنه ممن يُنسب إلى أصحاب الحديث والشافعي، وكان معتزلي الذهب في الأصل، وتمذهب بمذهب الكعبي في أن أصل الأشياء على الحظر. وتوفي الدقاق سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة.