للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن وجوب الزكاة [نشأ مِن] (١) نَفْس قوله: "أوجبتُ" أو نحوه. فإذا انتفى هذا القول فيه، فقد انتفى وجوب الزكاة فيه، ولا يَلزم من الانتفاء في قولك: (في الشام الغنم السائمة) انتفاء كونها في غير الشام، بل قد تكون وأنت لم تخبر عنها لكنه وإن كان صحيحًا فقد لا يكون له غرض في الإخبار عنه.

فلهذا قال ابن السمعاني: (إن المخبِر قد يكون له غرض في الإخبار بأن في الشام غنمًا سائمة ولا يكون له غرض في الإخبار عن غير الشام. وأما الشارع في مقام الإنشاء فغرضه أن يبين جميع الأحكام التي كلفنا بها، فإذا قال: "زكوا عن الغنم السائمة"، عَلِمنا أنها لو كانت الزكاة في جميع الغنم لَعَلَّق بِمُطْلَق الاسم) (٢).

الثاني:

إن المفاهيم إنما يُعمل بها في كلام الشارع؛ لِعِلمه بواطن الأمور وظواهرها، دون كلام الناس كألفاظ الواقفين والموصين والمقِرين والمصنفين في ذلك؛ لِغَلبة الذهول على الناس، فيكون كالقياس لا يُعمل به في أمور الناس كما قرره الشيخ تقي الدين السبكي، وهو ظاهر المذهب.

فنقل الرافعي عن فتاوى القاضي حسين -وأقره- أنه لو ادُّعِي عليه بعين مال مثلًا فقال: (لا يلزمني تسليم هذا إليك اليوم)، لا نجعله مُقِرًّا.

قال: (لأن الإقرار لا يثبُت بالمفهوم) (٣).

قيل: وله التفات إلى ما سبق من كون العمل بالمفهوم من جهة الشرع أو اللغة. فإنْ قُلنا


(١) في (ق): هو.
(٢) انظر: قواطع الأدلة (١/ ٢٤٨).
(٣) العزيز شرخ الوجيز (١٣/ ٢٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>