والثاني: استلزام الشرط للجزاء، أي: يكون الشرط ملزومًا والجزاء لازمًا.
وحينئذٍ فينظر فيهما: إنْ تَساويا، لَزِمَ مِن انتفاء الشرط انتفاء الجواب، وإنْ لم يتساويا فلا يَلزم من انتفائه انتفاؤه.
فمِن الأول نحو:{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}[الأنبياء: ٢٢]، فتَعدُّد الآلهة ملزوم للفساد الذي هو لازم، وهو مساوٍ له، فيلزم من انتفاء كل منهما انتفاء الآخر، ومن وجود كل منهما وجودُ الآخر.
وعلى هذا النوع يَصْدُق أنها حرف امتناع؛ لامتناع.
وِمن الثاني -وهو ما يكون اللزوم فيه أَعَم- نحو:(لو كان إنسانًا لكان حيوانًا)، فإن مِن لازِم الإنسان الحيوان، ولكنه أعم من الإنسان وغيره، فلا يَلزم مِن انتفاء كونه إنسانًا انتفاءُ كونه حيوانًا.
قيل: هذا وارد على مَن يقول: (امتناع؛ لامتناع).
وهذا معنى قولي:(فَيَنتفِي إنْ نَاسَبَا وَلَا مُقَدَّمٌ يَكُونُ ذَاهِبَا يَخْلُفُهُ غَيْرٌ). أي: فيرتب على ما سبق -من كونها تقتضي امتناع ما يليها وأنها حال- كَوْنُ ذلك المقدم استلزم تاليه ما ذكر، وهو أنه إذا كان المقدم مناسبًا للتالي ولا يمكن أن يذهب ويخلفه غيره وهو المشارك الذي شرحناه.
ومعنى قولي:(يَخْلُفُهُ غَيْرٌ) أي: غيره.
ثم قلتُ: إن مثال هذا القسم أكمل. أي: ذكر في القرآن العظيم مكملًا، (فكُنْ) إذا ذكرته (مُكَمِّلًا) له بتلاوتك الآية بكمالها.
نعم، اشتراط الناسبة في هذا القسم وقع في عبارة كثير، وهو مستغنًى عنه؛ فإن المدار على كونه لا يخلف المقدم غيره، أي: للمساواة بينهما، بخلاف ما إذا لم يتساويَا.