للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خيرًا وما أسمعهم. ثم قال الله تعالى: {وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [الأنفال: ٢٣]، فيكون معناه أنه ما أسمعهم وأنهم ما تولوا، ولكن عدم التولي خير من الخيرات، فإن أول الكلام يقتضي نفي الخير، وآخِره يقتضي حصوله، وهُما متنافيان، إلا أن عدم إسماعهم أَوْلى بأنْ يُعْرضوا مما لو أسمعهم؛ لأنهم إذا أعرضوا مع سماع كلمات النصح فتوليهم مع عدم [سماعها] (١) من باب أَوْلى، فلا تنافي حينئذٍ بين أولها وآخِرها.

ومثال الثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم - في بنت أُم سلمة: "إنها لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي، إنها لابنة أخي من الرضاعة" (٢). فإن عدم حِلها له -عليه السلام- من وجهين: كونها ربيبة، وكونها ابنة أخيه من الرضاعة.

ومثال الثالث: وهو أن تكون مناسَبة ذلك دون مناسبة المقدم، فيلحق به؛ [لِلاشتراك] (٣) في أصل المعنى، كقول القائل: (لو انتفت أُخوة هذه مِن النَّسب لَمَا كانت حلالًا؛ لِمَا بيننا من الرضاع). فإن تحريم الرضاع دون تحريم النسب.

واعْلَم أن بعضهم طبق عبارة سيبويه على هذه العبارة الثالثة؛ لأنه قال: (لِمَا كان سيقع؛ لوقوع غيره)؛ لأنه إنما تَعَرَّض لامتناع الشرط، كأنه قال: لكن ذلك الغير لم يقع؛ فلذلك لم يقع المُرَتَّب عليه. أما كونه لا يقع المرتَّب عليه دائمًا فلا دلالة فيه.

فائدة:

ما مثّل به للقسم الأول -من قول عمر في صهيب- قال بعض الحفاظ: كثيرًا ما نسأل عنه ولم نجد له أصلًا.


(١) في (ق): سماعهم.
(٢) صحيح البخاري (رقم: ٤٨١٣)، صحيح مسلم (رقم: ١٤٤٩).
(٣) في (ص، ش، ض): الاشتراك.

<<  <  ج: ص:  >  >>