للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حتى لو فُعِل بدونه لا ينعقد كما في سائر الشروط؟ أو لا؟

فعندنا: نعم، وعندهم خِلافه. وذلك كصوم يوم النحر والتشريق، الصوم مأمور به في الأصل، ومنهي عن إيقاعه في النحر والتشريق. ونحوه طواف الحائض، الطواف مأمور به ومنهي عن إيقاعه في حالة الحيض.

فإذا فعل المأمور به في تلك الحالة، كان صحيحًا من حيث الأصل، فاسدًا من حيث الوصف.

وقالوا: إن النهي يدل على الصحة حينئذٍ كما نُقل عن أبي حنيفة ومحمد بن الحسن؛ احتجاجًا بأنه لو كان غير صحيح لم يحتج للنهي عنه، بل يكون النهي لغوًا، إذ لا يقال للأعمى: (لا تبصر)، فيصح عندهم لذلك صوم العيد والتشريق والصلاة في الأوقات المكروهة. هكذا احتج به أبو زيد الدبوسي وغيره.

[قالوا]، (١): ولا يُخلِّص من ذلك أن يُجعل النهي منصرفًا إلى إيجاد صورته؛ لأن الحقيقة الشرعية إنما تكون بالصورة والمعنى بها يكون صحيحًا، فلولا أنه صحيح لَمَا نُهِي عنه.

والجواب: أن فساده إنما عُرف بالنهي عنه، وإنما يكون النهي لغؤا لو كان فساده قد عُرف بغير النهي. وادِّعاء أن النهي لا يكون للصورة فقط ممنوع؛ لأنه يكون تلاعبًا، فنُهي عنه لذلك.

ويدل عليه ما في "الصحيحين" من قوله - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت أبي حبيش وقد قالت: "إني امرأة أُسْتَحاض فلا أَطْهُر، أَفَأَدعُ الصلاة؟ ": "فإذا أقبلت الحيضة، فدعي الصلاة" (٢) الحديث. ولو كان المنهي عنه صحيحًا لَصَحَّت صلاة الحائض؛ إذِ النهي إنما هو للصلاة


(١) في (ص): وقالوا.
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>