وأربعين وسبعمائة، فخبط فيها الحاضرون، وهُم معذورون [بسبب](١) ما بَلَغَهم مِن العِلم، فكتبتُ فيها وفي دلالة العام في الأمرين على الخاص -هل هو حقيقة؟ أو مجاز؟ - زبدة كلام مَن تكلم فيه من العلماء، وزدتُ عليهم تحقيقات لم يلموا بها).
فنذكر ما قاله؛ لما اشتمل عليه من الفوائد.
فقال: (العام الذي أريدَ به الخصوص هو العام إذا أُطلق وأريدَ به بعض ما يتناوله، فهو لفظ مستعمل في بعض مدلوله، وبَعْضُ الشيء غَيْره، فالذي يظهر أنه مجاز قطعًا، إلا إنْ قيل: إن العام دلالته على كل فرد من أفراده دلالة مطابقة. فقد يقال حينئذٍ على هذا بأنه حقيقة في كل فرد. فإنْ جاء خلاف فيه فإنما يجيء من هذه الجهة.
وشرط الإرادة في هذا النوع -على ما ظهر لنا- أن تكون مقارِنة لأول اللفظ، ولا يُكتفَى بطريانها في أثنائه؛ لأن المقصود فيها نقلُ اللفظ عن معناه إلى غيره واستعماله في غير موضوعه، وليست إرادة إخراج لبعض المدلول، بل إرادة استعمال اللفظ في شيء آخَر غَيْر موضوعه، كما يُراد باللفظ مجازه الخارج عنه، لا فرق بينهما إلا أنَّ ذاك خارج وهذا داخل؛ لأن البعض داخل في الكل.
ومَن يجعل الدلالة على كل فرد دلالة مطابقة، لا يناسبه أن يقول: إنه استعمال اللفظ في غير موضوعه، بل يصير كاستعمال المشترك في أَحد معنييه، وهو استعمال حقيقي، وإرادة أَحد مَعْنَيَي المشترك عند مانع استعمال المشترك في مَعْنَيَيْه لا شك أنها لا تخرجه عن موضوعه ولا تجعله مجازًا، بل هي مُصَحِّحة لاستعماله.
وأما عند مَن يُجَوِّز استعماله في معنييه فَهُم مختلفون إذا استُعمل في معنييه هل هو مجاز؟ أَم لا؟ فمَن جعله مجازًا فذلك لأن الاستعمال الحقيقي عنده هو استعماله في أحد المعنيين،