للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومَن جعله حقيقة كالعام كما هي طريقة السيف الآمدي في النقل عن الشافعي - رضي الله عنه -، فيصير البحث فيه كالبحث في العام المراد به الخصوص.

وفيه نظر؛ لأنَّا نَعلم أن المشترك وَضَعَه الواضع لكل مِن المعنيين وَحْده، بخلاف العام. ولكن أدى مساق البحث على طريقة الآمدي إلى ما قُلناه.

ويؤنسك إلى اشتراط مقارنة الإرادة في هذا النوع لأول اللفظ ما ذكره الفقهاء في تكبيرة الإحرام وقي كنايات الطلاق، وإذا حَقَّقْت هذا المعنى، اضبطه.

وأما العام المخصوص فهو العام الذي أُريدَ به معناه مخُرجًا منه بعض أفراده. فالإرادة فيه إرادة الإخراج، لا إرادة الاستعمال، فهي تشبه الاستثناء، فلا يشترط مقارنتها لأول اللفظ، ولا يجوز تأخرها عن آخِره، بل يُشترط -إنْ لم توجد في أوله- أن تكون في أثنائه.

ويؤنسك في هذا ما قاله الفقهاء في مشيئة الطلاق وأنه يشترط اقتران النية ببعض اللفظ قبل فراغه، فالتخصيص إخراج كما أن الاستثناء إخراج.

ولهذا نقول: المخصصات المتصلة أربعة: الاستثناء، والغاية، والشرط، والصفة. والمخَصِّص في الحقيقة هو الإرادة المُخْرِجة، وهذه الأربعة والمخَصِّص المنفصل خَمْسَتُها دالة على تلك الإرادة، وتلك الإرادة ليست إرادة استعمال اللفظ في غير موضوعه؛ فلذلك لم يُقْطَع بكونها مجازًا، بل حصل التردد.

ومنشأ التردد أنَّ إرادة إخراج بعض المدلول هل [تُصَيِّر] (١) اللفظ مُرادًا به الباقي؟ أو لا؟ والحقُّ لا، وهو يُشْبه الخلاف في الاستثناء، وبهذا يقوى أن العام المخصوص حقيقة، لكن الأكثرون على أنه مجاز. ووَجْهه أنْ يجعل اللفظ موضوعًا ليستعمل في معناه بتمامه غير مخرج منه شيء، فإذا أُخْرج منه شيء، كان مجازًا؛ لاستعماله على غَيْر الوجه الذي وَضَعَه


(١) كذا في (ص)، لكن في (س): يصير.

<<  <  ج: ص:  >  >>