أما الأول وهو كون التخصيص السلب عن بعض الأفراد فهو قولهم:(التخصيص إخراج).
وأما الثاني وهو الاحتياج في المراد به خاص للدليل المعنوي فمعناه: الدليل الذي يدل على إرادة الخاص؛ لأنها أمر معنوي، فهو راجع لقولهم:(إن إرادة الخاص فيه سابقة).
ويُعلم أيضًا أن ما قاله تاج الدين السبكي في "شرح البيضاوي" بعد نقل كلام والده أن مقتضَى كلام الشافعي أنه لا فرق بينهما -ممنوع.
فذكر أن الشافعي في "الرسالة" قال في "باب ما نزل عامًّا دلت السُّنة على أنه يُراد به الخاص": (قال الله جل ثناؤه: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ}[النساء: ١١] إلى قوله: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ}[النساء: ١١]، وقال:{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ}[النساء: ١٢] إلى قوله: {فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ}[النساء: ١٢]. فأبان أن للوالدين والأزواج ما سُمّي في الحالات وكان عام المَخْرج، فدلت سُنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه إنما أريد به بعض الوالدين والمولودين والأزواج دُون بعض، وذلك أن يكون دِين الوالدين والمولودين والأزواج واحدًا، ولا يكون الوارث قاتلًا ولا مملوكًا). انتهى
قال:(ووقف والدي على ذلك، فذكر أن البحث الذي قرره -أي في الفرق بين النوعين- إنْ صح، احتمل أن يكون ما أورده الشافعي أراد به أن يكون عامًّا مخصوصًا وأنْ يكون مرادًا به الخصوص).
فظاهر كلامه أن والده يُسلِّم ما قاله في فَهم نَص الشافعي، وهو عجيب.
فقد عرفت من كلام ابن دقيق العيد وغيره أن العام المخصوص أُريدَ به خاص بالإخراج، لا في الابتداء، وأن مِن هذه الجهة يكون العام المخصوص أَعَم من العام الذي