للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورُدَّ بأن التخصيص أقَل مفسدة مِن النسخ.

وإنْ كان العام مؤخَّرًا عن الخاص فهو أيضًا قسمان:

أن يتأخر عن وقت العمل بالخاص، أو يَرد قبل دخول وقته.

فالأُولى: يُبْنَى فيه العام على الخاص عندنا؛ لأن ما تناوَله الخاص مُتَيَقَّن وما تناوله العام ظاهر مظنون، فالمتيقَّن أَوْلى.

قال إلْكِيَا: وهذا أحسن ما عُلل به.

وذهب أبو حنيفة وأكثر أصحابه والقاضي عبد الجبار إلى أنَّ العام المتأخر ناسخٌ للخاص المتقدم.

وفي قول ثالث: الوقف. قاله ابن العارض المعتزلي.

وفي قول رابع: أنه نَسخٌ ما لم تَقُم دلالة مِن غيره على أنَّ العموم مرتَّب على الخصوص.

قال أبو بكر الرازي: (وكان شيخنا يحكي أنَّ مذهب أصحابنا ومسائلهم تدل عليه. وقد جعل أبو حنيفة قوله تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: ٤] منسوخًا بقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥]؛ لأنه نزل بعد) (١).

ثم قال: (وقد ناقض الشافعي أصله في هذه المسألة في صُوَر:

منها: قوله لأنيس: "واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإنِ اعترفت فارجمها" (٢). فجعله قاضيًا على قضية ماعز في اعتبار تكرار الإقرار أربع مرات، مع أنَّ قضية ماعز خاصة مُفسرة وقضية أنيس عامة.


(١) الفصول في الأصول (١/ ٣٨٥).
(٢) صحيح البخاري (رقم: ٢١٩٠)، صحيح مسلم: (رقم: ١٦٩٧) واللفظ للبخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>