للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دليله أنَّ إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- أمره الله عز وجل بذَبْح ولده، ثم نسخ ذلك عنه قبل الفعل.

أما كَوْنه أمره بالذَّبح فدليله قوله: {يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} [الصافات: ١٠٢] جوابًا لقوله: {يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات: ١٠٢]، ولقوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} [الصافات: ١٠٦]، وذلك الذَّبح؛ لأنَّ مقدماته لا توصَف بمثل ذلك، ولقوله: {وَفَدَيْنَاهُ}، فلو لم يكن أُمِر بذبحه، لَمَا احتاج للفداء.

وأما كَوْنه نَسخ فإنه لو لم يُنسخ لَوُجِد الذبح؛ لضرورة الامتثال، لكنه لم يذبح؛ فدلَّ على النسخ، وشاهِدُه: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}.

وهذا كله جَلي؛ فلذلك قلتُ في النَّظم: (في قِصَّةِ الذَّبِيحِ هَذَا مَجلي).

وللخصوم أجوبة وشُبَه ليس للتطويل بها فائدة غير تحقيق الدليل، ولَسنا بصدد الأدلة.

[نعم] (١)، وقع اضطراب في التعبير عن المسألة، فعبَّر ابن الحاجب بِ "النَّسْخ قبل وقت الفعل" (٢).

قيل: وهي قاصرة عن الغرض وإنْ كانت عبارة الأكثرين، وإنَّ الأحسن في التعبير أن يقال: "نَسْخ الشيء قبل مُضِي مقدار ما يَسَعُه مِن وقته"؛ ليدخل فيه ما إذا حضر وقت العمل ولكن لم يمضِ مقدار ما يسعه، فإنَّ هذه الصورة في محل النزاع أيضًا.

وقد يجاب بأنَّ المراد بما قبل الوقت: ما قبل خروجه، لا قبل دخول وقته فقط. وحينئذٍ فيشمل الأمرين، ويكون هذا مواففا للتعبير بِ "النسخ قَبْل التمكن مِن الفعل". فيكون المراد بالوقت: ما يمكن فيه الفعل حِسًّا وشرعًا، لا الوقت المقدَّر حتى تكون المسألة خاصة


(١) كذا في (ص، ق)، لكن في (س): ثم.
(٢) مختصر المنتهى مع شرح الأصفهاني (٢/ ٥١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>