للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"صحيح البخاري" بسنده عن مجاهد أنه قال: (إنها غير منسوخة) (١). وعليه أيضًا أبو مسلم الأصبهاني، وقد سبق أنه يمنع النَّسخ مُطلقًا، أو يمنعه في القرآن وهو المحرَّر في النقل عنه، وقال هنا: إنَّ وَضْع الحمل قد يكون عند تمام حول، فلم يرتفع إلا ما إذَا كان غَيْر الحول، ورفع البعض تخصيص، لا نَسخ.

ورُد: بأن العدة إنما هي وضع الحمل، لا بالمدة. وإنْ صادف موافقة، فخصوص السَّنة فيه لَغْو لا عِبرة به.

وهذا وإن كان جوابًا صحيحًا لكن أبو مسلم ومجاهد لم يمنعا النَّسخ لِمَا ذُكِر حتى يجاب عنه به.

فأما مجاهد فإنه قال: إنِ اختارت السكنى، اعتدت بحول كما في إحدى الآيتين، وإنْ لم تختر، فبأربعة أشهر وعشر كما في الآية الأخرى.

فلا تَعارُض؛ فلا نَسخ.

وأما أبو مُسلم: فإنَّ عدة الحول عنده لمن أوصى زوجها لها بنفقة حول وسكناه، فإنْ خرجت قَبْله وخالفت وصية زوجها بعد المدة التي ضربها الله تعالى لها وهي أربعة أشهر وعشر، كان لها أن تتزوج؛ لأنَّ الجاهلية كانوا يوجبون الحول؛ لأنَّ الزوج كان يوصي


(١) صحيح البخاري (رقم: ٤٢٥٧) قال: (عَنْ مُجَاهِد: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} قَالَ: كَانَتْ هَذِهِ العِدَّةُ تَعْتَدُّ عِنْدَ أَهْلِ زَوْجِهَا وَاجِب، فَأنزَلَ الله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، قَالَ: جَعَلَ الله لها تمامَ السَّنَةِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَصِيَّةً، إِنْ شَاءَتْ سَكَنَتْ فِي وَصِيَّيهَا، وإنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ، وَهْوَ قَوْلُ الله تَعَالَى: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}، فَالعِدةُ كمَا هِيَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا).

<<  <  ج: ص:  >  >>