للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نُسخت السُّنَّة بالقرآن، كانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - فيه سُنة تُبين أنَّ سُنته الأُولى منسوخة بِسُنته الأخيرة؛ حتى تقوم الحجة على الناس بأن الشيء يُنسخ بمثله) (١).

انتهى أي: فإذا نُسخ الشئ بمثله، لم يكن للغبي أن يقول: كيف يتخالف الكتاب والسُّنَّة؛ ! وكذا ما ذكره بعد ذلك حيث قال بعد أن تكلم على صلاة ذات الرقاع ما نَصه:

(وفي هذا دلالة على ما وصفتُ قبلُ في هذا الكتاب مِن أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سَن سُنة فأَحدث الله تعالى في تلك السُّنَّة نَسخًا أو تخريجًا إلى سعة فيها، سَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُنة تقوم الحجة على الناس بها؛ حتى يكونوا إنما صاروا من سُنة إلى سُنته التي بعدها) (٢). انتهى

فيحصل لنا مِن ذلك أن نَسخ السُّنَّة ونَسخ الكتاب لا يقع إلا على هذا الوجه، وأنه ليس ممتنع الجواز عقلًا قطعًا ولا سمعًا كما نقلناه عن الأئمة مِن حكاية ذلك. فكل مِن الكتاب والسُّنَّة من عند الله، فإذا نُسخ أحدهما، فالاستقراء دل أنهما لا بُدَّ أن يجتمعا؛ لتقوم الحجة على الناس بهما؛ و [لأنه] (٣) يكون انتقال من سُنة إلى سُنة.

وفيه فائدتان:

إحداهما: التنويه بقَدره - صلى الله عليه وسلم - وإظهار عظمته، وهي في نَسخ القرآن بالسُّنَّة أظهر منها في عكسه؛ لأن إنزال القرآن موافقًا للسُّنة الناسخة فيه مِن التعظيم ما لا يخفَى.

وثانيهما: انتقال الناس من سُنة إلى سُنة، وهي في نَسخ السُّنَّه بالقرآن أظهر منها في عكسه؛ لأنَّ مَن سنَّ سُنة حسنة فلهُ أجرها وأجر مَن عمل بها إلى يوم القيامة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - هو صاحب السنن الحسنة، فله مِن الأجر ما لا يتناهى.


(١) الرسالة (ص ١١٠).
(٢) الرسالة (ص ١٨٣).
(٣) كذا في (ص، ق)، لكن في (س): ولأن.

<<  <  ج: ص:  >  >>