بالمنع مطلقًا؛ لأنَّ الجِلي عنده مِن باب الفحوى، وهو جارٍ مَجْرَى النص، فليس نسخًا بقياس.
الخامس: حكاه أبو الحسين بن القطان وغيره عن الأنماطي: أنَّ القياس المستخرَج مِن القرآن يُنسخ به القرآن، والمستخرَج مِن السُّنَّة تُنسخ به السُّنَّة.
السادس: إنْ كانت عِلته منصوصة جاز النسخ به وإلا فلا.
قال الباجي: إنَّ هذا هو الحق.
الساب: قاله الآمدي: إنْ كانت منصوصة جاز، وإلا فإنْ كان القياس قطعيًّا كقياس الأَمَة على العبد في السراية، فهو مقدَّم لكن لا مِن باب النسخ، أو ظنيًّا بأنْ كانت عِلته مستنبطة فلا. وسبقه إلى هذا التفصيل صاحب "المصادر".
الثامن: قاله الهندي: إنْ كان في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، جاز على الأصح، بل هو محل الخلاف، وإنْ كان بعده - صلى الله عليه وسلم - يجوز قطعًا.
وأما نَسخ القياس نفسه فَعَلَى وجهين: نسخ القياس مِن حيث هو، ونسخ الأصل المقيس عليه.
فالأول جائز عند الجمهور في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا فيما بعده. فيُنسخ إما بنص أو بقياس آخَر، لا بإجماع؛ لعدم انعقاده في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -. خلافًا لما وقع للإمام في "المحصول" من كون القياس في حياته يُنسخ بالإجماع، قال: بِأنْ تختلف الأُمة على قولين قياسًا، ثم يجمعوا على أحد القولين، فيكون إجماعهم على أحد القولين رافعًا لحكم القياس الذي اقتضاه القول الآخَر.
والعجب أنه قد صرح قبل ذلك بأن الإجماع لا ينعقد في زمنه - صلى الله عليه وسلم -!
وإنما قُيِّد نَسخُه بنص أو قياس بزمنه - صلى الله عليه وسلم - لأنه زمن مجيء الوحي، وهو طريق النسخ.