للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأُولى: أن يَرِد النسخ على الفحوى مع التعرض لبقاء الأصل، كما لو قال: (رفعتُ تحريم كل إيذاء غير التأفيف)، فيجوز ذلك على الأصح عند أكثر المتكلمين، والمنع منقول عن أكثر الفقهاء. قيل: ولعل مأخذه أن دلالته لفظية أو قياسية.

الثانية: أن يَرِد النسخ على الأصل مع إبقاء الفحوى، نحو: (رفعتُ عنك تحريم التأفيف دون بقية أنواع الإيذاء). فهو جائز أيضًا؛ لأنه لا يَلزم من إباحةِ الخفيف إباحةُ الشديد.

وقيل: يمتنع؛ لأن الفرع يتبع الأصل. فإذا رفع الأصل، فكيف يبقى الفرع؟ !

ويجتمع في المسألتين ثلاثة أقوال، ثالثها التفصيل.

الثا لثة: نسخهما معا، كَـ: (رفعتُ تحريم التأفيف وكل إيذاء). وجوازه واضح.

وأما الرابعة والخامسة: وهُما نسخ الفحوى مِن غير تَعرُض لبقاء الأصل أو رفعه، وعكسه، فهُما اللتان تَعرَّض لهما ابن الحاجب والبيضاوي.

فقال ابن الحاجب: (يجوز نسخ أصل الفحوى دُونه -أي دُون نسخ الفحوى- وامتناع نسخ الفحوى دُون أصله) (١).

قال: (ومنهم مِن جوَّزهما، ومنهم مَن منعهما).

وإنما حملنا كلامه على الإطلاق في الأمرين؛ لأنه قال في الاستدلال:

(لنا: أن جواز التأفيف بعد تحريمه لا يستلزم جواز الضرب). أي: فجاز ثبوته دونه.

: (وبقاء تحريمه -أيْ تحريم التأفيف- يستلزم تحريم الضرب) (٢).

فاستدلاله با لاستلزام وعدمه يدل على تصويره المسألة بما ذكرناه.


(١) مختصر المنتهى مع شرحه (٢/ ٥٥٨).
(٢) هذا تتمة كلام ابن الحاجب.

<<  <  ج: ص:  >  >>