للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومنهم مَن حمل كلامه على المسألتين الأُولتين، وكأنه رأي أن الاستلزام في كلامه إنما أراد به أن ما يستلزم يمتنع التصريح بخلافه، وما لا يستلزم لا يمتنع التصريح بخلافه. ولكنه بعيد.

وأما البيضاوي فعبَّر في المسألة با لاستلزام، فهو صريح فيما ذكرناه، فقال: (نسخُ الأصل يستلزم نسخَ الفحوى، وبالعكس؛ لأن نفي اللازم يستلزم نفي الملزوم) (١). انتهى

إلا أنه لم يستدل إلا لإحدى المسألتين دُون الأخرى، وهي أنَّ نَسخ الأصل يَلزم منه رفع الفحوى. لكن دليلها أن الفحوى تابعٌ والأصلَ متبوعٌ، فإذا رُفِع المتبوع، ارتفع التابع.

وهذا الذي رجحه فيهما هو المختار عند الأكثر؛ ولذلك قال في "جمع الجوامع": (والأكثر أن نسخ أحدهما يستلزم الآخَر) (٢).

وفي الحقيقة المسألتان مُفرَّعتان على الجواز في المسألتين الأولتين، لأنَّا إذا قلنا بالجواز عند التقييد ببقاء الآخَر، فعند الإطلاق يُعمل بالاستلزام؛ لعدم ما يقتضي خِلافه.

على أن الإمام الرازي قد جزم بأنَّ نَسخَ الأصل يستلزم، وأما استلزام نسخ الفحوى نَسخ الأصل فنقله عن اختيار أبي الحسين، وسكت عليه.

فيحتمل أنه موافقه؛ ولهذا جرى عليه البيضاوي. ويحتمل أنه ذكره على وجه التضعيف له؛ فيكون من القائلين بالتفصيل.

وأما الآمدي فقال: (المختار أن تحريم الضرب في محل السكوت، إنْ جعلناه مِن باب القياس فنسخ الأصل يوجب نسخ الفرع؛ لاستحالة بقاء الفرع بدون الأصل. وإنْ جعلناه بدلالة اللفظ فلا شك أنَّ إحدى الدلالتين باللفظ والأخرى بالفحوى، وهُما مختلفان، فلا


(١) منهاج الوصول (ص ١٨٨) بتحقيقي.
(٢) جمع الجوامع مع حاشية العطار (٢/ ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>