للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الظاهر الجواز؛ لأنه في الحقيقة بمنزلة: افعل كذا أبدًا.

ووقع في "ابن الحاجب" عبارة تحتمل المنع في ذلك وتحتمل أن يُراد بها غيره.

فقال: (الجمهور: جواز نسخ مثل: "صوموا أبدًا"، بخلاف: "الصوم مستمر أبدًا") (١).

ففهم بعض شُراحه أنه يفرق بين الأمر الصريح وبين الخبر المتضمن للأمر، وأنه جائز في الأول دون الثاني. ولكن لم يصرح الآمدي ولا غيره بذلك، إلا أن الآمدي سأل في المحل أسئلة، منها: (أن المتكلِّم إذا أخبر بلفظ التأبيد، لم يَجُز نسخه، فكذلك غير الخبر) (٢).

ثم أجاب عنه بأنه قد يُمنع ذلك في الخبر أيضًا. أي فيقال: بل هو جائز في الخبر أيضًا.

فأراد ابن الحاجب بذلك دفع توهُّم موافقته للآمدي. لكن الآمدي بناه على اختيار النسخ في الخبر، وابن الحاجب لا يرى ذلك. كذا شرحه الأصفهاني وغيره.

وفيه نظر من وجهين:

أحدهما: يُبْعِده زيادة "مستمرًّا" في المسألة الثانية.

والثاني: أن الخبر عنده لا يُنسخ، سواء قيد بالتأبيد أو لا.

ويحتمل أن ابن الحاجب إنما أراد التفصيل في التقييد بالتأبيد بين أن يكون في فِعل المكلف كَـ "صوموا أبدًا" فيجوز النسخ فيه، وبين أن يكون قيدًا في الإيجاب وبيانًا لمدة بقائه واستمراره نحو: "الصوم واجب مستمر أبدًا" فيمتنع.

وهو ما شرحه به القاضي عضد الدين، ووافقه على اختياره السبكي؛ ولهذا زاد لفظ "الاستمرار" في الثانية، فإنه قرينة تقييد الخطاب به.


(١) مختصر المنتهى مع شرحه (٢/ ٥١٨).
(٢) الإحكام للآمدي (٣/ ١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>