للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبالجملة: فالخبر إذا كان بمعنى الإنشاء، جاز أن ينسخ كما سبق، فمسألتَا ابن الحاجب مستويتان.

المسألة الثانية في النَّظم:

أن النسخ جائز للحكم وإن لم يؤت بحكم آخر بدلًا عنه. وإذا قلنا: يجوز، فلم يقع إلا ببدل.

فهُما بحثان: الأول في الجواز، والثاني في الوقوع.

فأما أنه يجوز بلا بدل فهو قول الجماهير، وخالف فيه قوم من أهل الظاهر، ونقله القاضي في "مختصر التقريب" عن المعتزلة.

دليل الجمهور: أنَّ المصلحة قد تكون فيما نُسخ ثم تصير المصلحة في عدمه. هذا عند مَن يعتبر المصالح، وأما مَن لا يعتبرها فلا إشكال فيه.

وأيضًا: فقد وقع، فإنَّ وجوب تقديم الصدقة بين يَدَي مناجاته - صلى الله عليه وسلم - نُسِخَ بلا بدل.

وأما مَن ادَّعَى أنَّ نَسْخه بالزكاة فرُدَّ عليه من وجهين:

أحدهما: أنه تعالى قال: {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} [المجادلة: ١٣] الآية، فلمَّا ضُم إلى الزكاة الصلاة والطاعة، عُلِم عدم كون شيء منهما بدلًا عن المنسوخ؛ لأنَّ الصلاة والطاعة مأمور بهما مِن قبل.

ثانيهما: أن ذلك يحتاج لمعرفة التاريخ، وإنما المراد في الآية أن ذلك إذا نُسخ فليكن اعتمادكم على ذروة الأمر وسنامه المأمور به دائما، وهو طاعة الله تعالى والصلاة.

ومما نُسخ بلا بدل أيضًا: الإمساك عن الطعام بعد الفطر في الليل الذي كان واجبًا في أول الإسلام.

ونحوه: نسخ ادِّخار لحوم الأضاحي.

<<  <  ج: ص:  >  >>