إذا تَقرر أنَّ النَّسخ جائز وواقع ببدل وبغير بدل، فإذا كان ببدل، فالبدل إما مساوٍ أو أخف أو أثقل. والأولان جائزان باتفاق.
مثال المساوي: نسخ استقبال بيت المقدس بالكعبة. وإنما لم أتعرض له لوضوحه.
ومثال الأخف: وجوب مصابرة العشرين من المسلمين مائتين من الكفار، والمائة ألفًا، كما في الآية تضمنت مصابرة كل طائفةٍ من المسلمين عشرة أمثالهم نُسخ بقوله تعالي:{وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ}[الأنفال: ٦٦] فأوجب مصابرة الضعف، وهو أخف من الأول.
ومثله: نَسخ العدة بالحول في الوفاة بالعدة بأربعة أشهر وعشر.
وأما النسخ بالأثقل فهو محل الخلاف، فقال بعض أهل الظاهر بمنعه.
قال ابن برهان في "الوجيز": ونقل ناقلون ذلك عن الشافعي، وليس -أيْ هذا النقل- بصحيح عنه.
ثم منهم مَن أجاز ذلك عقلًا ومنع منه شرعًا، وهو رأي أبي بكر بن داود الظاهري، ومنهم مَن منعه عقلًا، ومنهم مَن قال: يجوز ولكن لم يقع.