للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تنبيهات

الأول: مما يتخرج على هذه القاعدة أنه تعالى لما قال: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢] الآية ثم جاء بخبر الواحد أنه - صلى الله عليه وسلم -: "قضي بالشاهد واليمين" (١)، فهل ذلك نَسخ حتي يمتنع؛ لأن القرآن لا يُنسخ بالآحاد؟ أو لا فيعمل به؟

ذهب الشافعي والجمهور إلى الثاني، والحنفية إلي الأول، قالوا: لأنَّ الأمر كان دائرًا بين شهادة رجُلين أو رجُل وامرأتين، فزِيد عليه الشاهد واليمين.

وفيه ضعف من جهة أخرى وهي عدم توارُد الآية والحديث على محل واحد، إذ الآية في الأمر باستشهاد شهيدين، فإنْ لم يكونا رجُلين فرجُل وامرأتان. والحديث في الحكم بشاهد ويمين، والاستشهاد غيْر الحكم. كذا قرره ابن الحاجب وهو حسن، ويزداد حُسنًا بأن الأمر بالاستشهاد أمر إرشاد، فالله تعالي أرشد إلي الأكمل، وأما الشاهد واليمين فدُون ذلك؛ فاختلف المحل.

الثاني: مِن صُوَر المسألة: ما لو زِيد في الوضوء -مَثلًا- غسل عضو آخَر، فإنه ليس بنسخ، خلافًا لمن قال: نسخ مِن حيث إن الطهارة كانت قبل هذه الزيادة مجُزئة ثم صارت غير مجزئة إلا بها، فقد ارتفع إجزاؤها، وهو حُكم شرعي؛ فيكون نسخًا عند المخالف.

وجوابه: أنَّ معني الإجزاء: امتثال الأمر، ولم يرتفع؛ لتوقف الارتفاع علي أمر آخَر، وانتفاء [المتوقف] (٢) عليه إنما كان بالبراءة الأصلية، وليس رفعها نسخًا.


(١) سبق تخريجه.
(٢) كذا في (ص، ق)، لكن في (س): التوقف.

<<  <  ج: ص:  >  >>