للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثالث: توصلت الحنفية بادِّعاء أن الزيادة على المنصوص نسخ لمسائل لا تُحصيَ: كرد أحاديث وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة، وأحاديث الشاهد واليمين، واشتراط الإيمان في الرقبة، والنية في الوضوء، وغير ذلك.

ولكن خالفوا أصولهم في ذلك في اشتراطهم في ذوي القربي الحاجة، وهو زيادة علي القرآن ومخالفة للمعنى المقصود [فيهم] (١)، وفي أن القهقهة تنقض الوضوء، مستندين لأخبار ضعيفة، وهي زيادة علي نواقض الوضوء المنصوصة في القرآن.

وأعجب من ذلك ادِّعاء بعضهم أنَّ أحاديث القهقهة مشهورة، فكانت كالمتواترة، وأحاديث الفاتحة مع شهرتها وصحتها لا يجعلونها مشهورة. وأمثال ذلك، وهو كثير.

ولذلك قال الأستاذ أبو منصور البغدادي: (مَن زاد الخلوة علي الآيتين الواردتين في الطلاق قبل المسيس في إيجاب العدة وتكميل المهر بخبر عمر - رضي الله عنه - مع مخالفة غيره له وامتنع عن الزيادة على النص بخبر صحيح، كان حاكمًا في دين الله تعالى برأيه).

ونقض عليهم الأستاذ أبو منصور في زيادة التغريب بأن ذلك إنْ كان نسخًا، لزمكم أن يكون إدخال نبيذ التمر بين الماء والتراب نسخًا لآيتَي الوضوء والتيمم، فهو مساوٍ لزيادة التغريب وأنظاره مما تقدم.

فإنْ قالوا: إنه داخل في عموم الماء؛ لحديث: "تمرة طيبة وماء طهور" (٢).

قيل لهم: فيكون رافعًا لإطلاق {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦]؛ ضرورة أنه لا يجوز التوضؤ به عند وجود غيره من المياه، وتقييدُ مدلول النص المطلق نسخٌ للنص عندهم.


(١) كذا في (ص، ق، ش). لكن في (ت، س): فهمه.
(٢) سنن أبي داود (رقم: ٨٤)، سنن ابن ماجه (رقم: ٣٨٤) وغيرهما. قال الألباني: ضعيف. (ضعيف أبي داود: ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>