أنْ يُبلَّغ النبي - صلى الله عليه وسلم - في السماء قبل النزول للأرض، كفرض خمسين صلاة ليلة الإسراء، فلا يتعلق به حكم؛ ولذلك كان رَفْعه بخمس صلوات ليس بنسخ على ما هو الظاهر. ويحتمل أن يكون نسخًا؛ لكونه قد بُلِّغ بعض المكلَّفين به وهو سيد البشر، فإنه قد اعتقد وجوبه وعَلمه. وعليه يدل كلام السمعاني حيث قال:(إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد علمه واعتقد وجوبه، فلم يقع النسخ له إلا بَعْد عِلمه واعتقاده)(١). انتهى
فسمَّاه "نسخًا".
الثانية: أن يوحيه الله تعالى إلى جبريل ولم ينزل به إلى الأرض بَعْد.
الثالثة: أن يكون ذلك بعد النزول من السماء وقبل أن يُبلِّغه جبريل إلي النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وهذان لا يتعلق بهما حُكم اتفاقًا.
فأما إذا بلغه - صلى الله عليه وسلم -، فيثبت حُكمه في حقه وحق كل مَن بلَّغه النبي - صلى الله عليه وسلم - إياه بطريق من الطُّرق.
وأما مَن لم يبلغه فلا يتعلق به حُكمه على المشهور، لا بمعنى وجوب الامتثال ولا بمعني ثبوته في الذمة.
وقال بعضهم: يَثبت بالمعني الثاني كالنائم.
ولا يُعْرَف قائل بثبوته بالمعنى الأول.
وفي "التقريب" للقاضي أن الخلاف لفظي، وذكر في "مختصر التقريب" أن القائلين بثبوته يقولون: لو قُدِّر ممن لم يَبْلُغه الناسخ إقدامٌ على الحكم الأول، كان زللًا وخطأً، بَيْدَ أنه لا يؤاخَذ به، ويُعذَر؛ لجهله.