للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المختلَف فيه؟ !

وقيل في تفسير "الاستحسان" أيضًا وهو عبارة الكرخي من الحنفية: إنه قَطْع المسألة عن نظائرها. أي: إنَّ المجتهد يَعْدل عن الحكم في مسألة بما حَكَم به في نظائرها إلى الحكم بخلافه؛ [لِوَجْه] (١) أقوى مِن الأول يقتضي العدول عنه.

وذلك كتخصيص أبي حنيفة قول القائل: (مالي صدقة) بالمال الزكوي؛ لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: ١٠٣]، فإن الدليل الدال على وجوب الوفاء بالنذر يقتضي وجوب التصدق بجميع أمواله؛ عملًا بعموم لفظ الناذر. لكن الدليل الخاص اقتضَى العدول عن هذا الحكم بالنسبة إلى غير الزكوي، وهو: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}. والجامع قرينة إضافة الصدقة إلى المال في الصورتين.

ورُدَّ ذلك بأنه يَلزم أنَّ كلَّ تخصيصٍ استحسان، وهو وفاق، فأين محل الخلاف؟ !

وقال أبو الحسين: "الاستحسان": تَرْك وَجْه مِن وجوه الاجتهاد غَيْر شامل شمول الألفاظ؛ لِوَجْه أَقْوى منه وهو في حُكم الطارئ على الأول.

واحترز بقوله: (غير شامل شمول الألفاظ) عن التخصيص، فإنَّ الوجه الأول فيه شامل شمول الألفاظ. وبقوله: (وهو في حكم الطارئ على الأول) عن تَرْك أَضْعَف القياسين للأقوى، فإنَّ أقوى القياسين ليس في حُكم الطارئ على الأضعف. [فإنْ] (٢) فُرِض أنه طارئ [فذلك] (٣) "الاستحسان".

مثال ذلك: العنب ثبت تحريم بيعه بالزبيب، سواء كان على رأس الشجر أوْ لا؛ قياسًا


(١) كذا في (س)، لكن في سائر النسخ: إلى وجه.
(٢) كذا في (ق)، لكن في (س، ص): فإنه.
(٣) كذا في (ق)، لكن في سائر النسخ: بذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>