على الرطب. ثم إنِّ الشارع أَرْخَص في جواز بيع الرطب على رؤوس النخل بالتمر، فَقِسْنَا عليه العنب وتركنا القياس الأول؛ لكون الثاني أقوى. فلمَّا اجتمع في الثاني القوة والطريان، كان استحسانًا.
ولكن هذا التفسير يقتضي أن يكون العدول عن حُكم القياس إلى النص الطارئ عليه "استحسانًا"، وليس كذلك عند القائلين به.
وأيضًا فيرجع هذا التفسير إلى تخصيص العلة، وهو ما سبق أنه "النقض"، وليس ذلك مما ينفرد به الحنفية كما سبق بيانه في "باب القياس"، بل يقال: إنَّ حاصل ذلك - كما قاله الآمدي - "الرجوع عن حُكم دليل؛ لطريان دليل آخَر أقوى منه". وهو أَعَم مِن تخصيص العِلَّة.
وقول رابع: أنه العدول عن حُكم الدليل إلى العادة؛ لمصلحة الناس، كدخول الحمام مِن غير تقدير الماء وشُرب الماء من السقاء.
ورُدَّ بأن العادة إنْ ثبت جريانها بذلك في زمنه عليه السلام فهو ثابت بالسُّنة، أو في زمانهم مِن غير إنكار فهو إجماع، وإلا فهو مردود.
وقد اختلف أصحابنا في قرض الخبز على وجهين:
أحدهما: الجواز، وبه قال صاحب "الشامل" و"التتمة" والمستظهري؛ لإجماع أهل الأعصار على فِعله.
الثاني: وهو الأصح عند صاحب "التهذيب": المنع. وما ذُكِر من الإجماع فليس هو إجماع أهل الحل والعقد، بل إجماع العامَّة، ولا اعتبار بهم.
وفيما لو دفع ثوبًا إلى قصَّار ليقصره أو خياط ليخيطه أو جلس بين يدي حلاق ليحلق رأسه، والأصح المنصوص: لا أجرة مطلقًا.