للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"ولا ضرار" (١).

وعلى هذه فاختُلِف في وَجْه تَغايُر اللفظين، قيل: الضرر ما كان مِن فعل واحد، والضرار ما كان مِن فِعل اثنين كل منهما بالآخر وإنْ كان الثاني على وَجْه المجازاة كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أدِّ الأمانة إلى مَن ائتمنك، ولا تَخُن مَن خانك" (٢).

وقال بعضهم: يتضمن ذلك الندب إلى العفو والصفح عن المسيء.

وقيل: الضرر ما تضرر به صاحبك وتنتفع به أنت، والضرار تضره مِن غير أنْ تنتفع به.

وقيل: الضرر هو الاسم، والضرار هو المصدر، فيكون نهيًا عن الفعل الذي هو المصدر وعن إيصال الضرار -الذي هو الاسم- إليه.

وقيل غير ذلك.

وهذه القاعدة فيها من الفقه ما لا حصر له، ولعلها تتضمن شطره، فإن الأحكام إما لجلب المنافع أو لدفع المضار، فيدخل فيها دَفْع [الضروريات] (٣) الخمس التي هي: حفظ الذَين والنفس والنَّسب والمال والعِرض كما سبق شرح ذلك في "باب القياس" في الكلام على "المناسِب"، وهي المرعيات في كل مِلة المشار إليها بقوله تعالى: {عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [الممتحنة: ١٢] الآية.

فالشرك مضرة في الدِّين، فيُزال بقتال المشركين والمحاربين والمرتدين؛ حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، فلا يبقى إلا مُسْلم أو مسالم بهدنة أو جزية.


(١) سبق تخريجه.
(٢) سنن أبي داود (رقم: ٣٥٣٥)، سنن الترمذي (رقم: ١٢٦٤) وغيرهما. قال الألباني: صحيح. (صحيح الترمذي: ١٢٦٤).
(٣) في (ق): الضرورات.

<<  <  ج: ص:  >  >>