للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن ظفر في "الينبوع": العُرف ما عرفه العقلاء بأنه حسن وأَقَرَّهم الشارع عليه. وكُل ما تكرر من لفظ "المعروف" في القرآن نحو: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩] فالمراد به ما يتعارفه الناس في مثل ذلك الأمر.

ومنها قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرعد: ٣٨]، فإنَّ هذا رد على مَن قال: {مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} [الفرقان: ٧]. فرد عليهم بأن هذه عادة الرسل المتقدمين قبله، وهذا [مقتضَى] (١) اعتبار العادة.

وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النور: ٥٨] الآية، فأمر بالاستئذان في الأوقات التي جرت العادة فيها بالابتذال ووضع الثياب، فابْتُنِيَ الحكم الشرعي على ما كانوا يعتادونه.

ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - لهند امرأة أبي سفيان: "خُذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف" (٢)، وقوله - صلى الله عليه وسلم - لحمنة بنت جحش "تحيضي في عِلم الله ستًّا أو سبعًا كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن" (٣). رواه الترمذي وصححه، وكذا الحاكم في "المستدرك".

وكذلك حديث أم سلمة: أنَّ امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستفتت لها أم سلمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن


(١) في (ق، ش): يقتضي.
(٢) صحيح البخاري (رقم: ٥٠٤٩)، بلفظ: (خُذِي ما يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ)، صحيح مسلم (رقم: ١٧١٤) بلفظ: (خُذِي من مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ ما يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ).
(٣) مصنف عبد الرزاق (١١٧٤)، سنن الترمذي (رقم: ١٢٨)، المستدرك على الصحيحين (رقم: ٦١٥)، وغيرها. قال الألباني: حسن. (صحيح الترمذي: ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>